أثر هذه السياسة تقدمت
العملية الانتخابية قليلاً. أما في كربلاء فواجهت المحافظ صعوبات كبيرة عرقلت
إجراء الانتخابات للناخبين الثانويين، فلم يرشح أحد نفسه إلى الانتخابات، ولا إلى
عضوية المجلس التأسيسي، ولم يتقدم من يضع صوته في صناديق الاقتراع إلا بصعوبة. ومع
ذلك فقد تمت الانتخابات الثانوية في كربلاء والنجف في 12 أيلول 1923م، 1 صفر
1342هـ، بالرغم من التصعيد الإعلامي للمعارضة الإسلامية، حيث استمرت حالة التفاعل
مع الفتاوى الدينية المعارضة للانتخابات في الكاظمية وكربلاء والنجف والحلة
والعمارة وعشائر المنتفك (الناصرية). ففي منطقة الحي - لواء الكوت - مثلاً، كتب
817 ناخباً أولياً على أوراقهم كلمة (حرام) بدلاً من تدوين أسماء المرشحين فيها([1367]).
أما في الكاظمية، المدينة المقدسة المهمة، فقد أشارت مضبطة انتخابات المجلس
التأسيسي إلى أن وجهاء البلد قد حصلوا على اقل الأصوات، في حين حصل على أكثر
الأصوات مرشحون غرباء عن المنطقة([1368]). مما يدل على
التلاعب الواضح في إجراء الانتخابات وقد نشرت جريدة (الاستقلال) بعد انتهاء مهام
المجلس التأسيسي، مقالاً تقول فيه: «جرى انتخاب المجلس التأسيسي الفائت، وكُتب
الكتاب، ونادى المنادون، ولكن أسْمعت لو ناديت حياً. فجرى التلاعب، وعبث الأيدي
وتدخل ذوي النفوذ في سائر الألوية، والأمة صامتة..»([1369]).
تلك الإنجازات! والتطورات السياسية التي لحقت الولادة
غير المتكاملة للانتخابات، دعت السعدون إلى تقديم الاستقالة في 15 تشرين الثاني
1923 الموافق 5 ربيع الثاني 1342هـ([1370])،
يقول الدكتور نعمة: «لقد تسببت واقعة إبعاد علماء الدين في توتر العلاقات بين
البلاط والحكومة وحاولت دار الاعتماد رأب الصدع بينهما. ولكن في تشرين الأول تبيّن
أن بقاء حكومة السعدون غير مرغوب فيه وقد نجح فيصل في تنحيتها»([1371]).