حركتهم»([1292]).
ففي الموصل لم تقتصر المقاطعة على المسلمين بل شملت المسيحيين أيضاً حيث «ظهرت
إعلانات موجهة إلى المسيحيين تخبرهم بأن رجال الدين المسيحيين أفتوا بمقاطعة
الانتخابات، ومؤازرة المسلمين في ذلك»([1293]).
إن هذه
التطورات وضعت الحكومة في الزاوية الحرجة، فاضطرت إلى إيقاف الانتخابات في المدن
الشيعية، وحينما أخذت المقاطعة طابع الشمولية العامة في معظم المناطق، أعلنت
الحكومة إيقافها في كانون الثاني 1923. «وهكذا فشلت الانتخابات التي بدأت في تشرين
الأول 1922، وانتهت إلى الانهيار، ولم يستطع المجلس التأسيسي الاجتماع في كانون
الثاني 1923 كما كان مقرراً له»([1294]).
وبذلك انتهت الجولة الأولى للانتخابات بالفشل بسبب المقاطعةالشعبية.
وعند هزيمة
الحكومة في هذه الجولة أمام إرادة المعارضة الوطنية قدّم السعدون نفسه متطوّعاً
بإصرارٍ على أداء المهمة الصعبة، ومتعهداً بإخلاصٍ على تقديم العراق لقمة سائغة
إلى البريطانيين المحتلين، وقد عرض عليهم طريقته الخاصة في سبيل إنهاء الأزمة
لصالحهم، عبر إرغام الشعب على خوض الانتخابات، بشرط قبولهم على تصديه المباشر
للقرار السياسي بشكلٍ يضمن إطلاق يده في إتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة لغرض
إرهاب الشعب وتضييق الخناق عليه بشتى الوسائل، وذلك عبر توليه وزارة الداخلية إلى
جانب رئاسة الوزراء، وإسناد وزارة العدلية إلى ناجي السويدي -وزير الداخلية الحالي
-. ولـمّا رأت سلطة الاحتلال هذا الخيار بالنسبة إليها يعدّ إنقاذاً لمشروعها
الاستعماري، سارعت إلى إجراء التعديل الوزاري المطلوب وذلك في 16 كانون الثاني
1923م([1295])
لينطلق السعدون في إدارته القمعية، بقرارات يتخذها لوحده بصورة مباشرة وسريعة، من
القناة الأولى رئاسة الوزارة إلى القناة التنفيذية وزارة الداخلية، وبذلك يضمن
تنفيذ قراراته الحاسمة باتجاه رموز المعارضة