والقناعات
المستجدة التي زادت في معنويات المعارضة. وعليه فإن الموقف الحاسم الذي اتخذته
القيادات الإسلامية، بآنعكاساته المباشرة على الرأي العام، أَدخل الإنكليز في نفق
مظلم ذي شُعبٍ متعددة مرة أخرى، وذلك لأنّ تعطيل الانتخابات يعني عدم تشكيل المجلس
التأسيسي، وبالنتيجة عدم إبرام المعاهدة، وبمعنى آخر عودة المشروع البريطاني من
الأساس - مرة أخرى - إلى المربع الأول. بينما دخلت القضية في صراع حاد بين فتاوى
العلماء المحرمّة لإجراء الانتخابات من جهة، وبين الحكومة المصرّة على إجرائها من
جهة ثانية. وقد نشر وزير الداخلية عبد المحسن السعدون بياناً إلى الشعب مشدّداً
على ضرورة إجراء الانتخابات، ومؤكداً على أن «واجب الشعب أن يعضد الحكومة في هذا
السبيل، ولا يفسح المجال للتلاعب بمقدساته»!!([1281])،
ويبدو لنا، إن الشعور المتبادل بين الطرفين قد بلغ ذروته عند هذه المعركة،
وأُعتبرت معركة مصيرية بالنسبة لسلطة الاحتلال والحكومة التابعة لها، وبالفعل وصلت
المسألة إلى القمة الفاصلة بين الارادتين، فلو تمّ تجاوز هذه العقبة بنجاح لنال
المنتصر استحقاقات المواقف السابقة. فالإسلاميون كانوا يعتبرون انتصارهم تتويجاً
لجهادهم الطويل، وإن إخفاقهم يعني ضياع الفرصة الذهبية في الصراع السياسي. ومن هنا
يمكن فهم أجواء المرحلة الحرجة التي كانت تمرّ على سلطة الاحتلال ومن ضمنها
الحكومة، لذلك اختل توازنها وأقدمت على استخدام أساليب العنف والإرهاب لتثبيت
مشروعها الاستعماري. وفي حينها فشلت الحكومة في منع نشر فتاوى التحريم في عموم
المناطق، حيث تم نشرها في الصحف المحلية عموماً، فعمدت الحكومة على إشاعة
الأكاذيب، وبالفعل أشاعت في الأوساط العامة بأن العلماء لا يعارضون أصل
الانتخابات، وإنما لديهم شروط من الممكن التفاهم عليها. وكانت هذه الخطوات وقائية
خوفاً من تطور الأحداث، إلا أن الإسلاميين نشطوا في توزيعها وتأكيدها للناس، كما
وصدرت تأييدات علمائية وسياسية لحث الناس على التمسك بفتاوى المراجع الكبار([1282]).
وكذلك بدأت الحملة الإسلامية ضد رموز