المعارضة،
وخاصة بين رؤساء عشائر الفرات، وضمن قيادة المعارضة في بغداد، فقد ظلت القيادة
الدينية تتمسك بموقفها المبدئي الثابت، وتحتفظ بموقفها كممثلة للاتجاه الأقوى
تأثيراً في الأحداث»([1214]).
وعلى العموم، باشر (كوكس) خطته في إبرام المعاهدة -ضمن تلك الأوضاع - وكانت الخطوة
المهمة التي تلي الموافقة المحروزة من الملك والحكومة، تتلخص في عرض المعاهدة على
المجلس التأسيسي، وحينما يصادق عليها، يتم قانونياً حكم العراق عن طريق المعاهدة
البريطانية - العراقية التي تتضمن روح الانتداب.
فالبريطانيون
في محاولتهم هذه «أرادوا أن يحكموا العراق بطرق قانونية مزورة، ويلبسوا الحكم
الجائر ثوباً من الشرعية والاستقلال، فصاغوا معاهدة ظاهرها الاستقلال وباطنها
الانتداب والحكم المباشر، وقدموها للملك فيصل وللشعب العراقي سنة 1924. بغية
تصديقها من سلطة دستورية مسؤولة، وأرفقوا بهذه المعاهدة مشروع (قانون أساسي) ودستور،
تنشأ بموجبه حكومة (برلمانية) وملك مسؤول مقيد بالدستور»([1215]).
لذلك سعت بريطانيا سعياً حثيثاً «لمجيء مجلس تأسيسي تضمن فيه أكثرية متجاوبة مع
السياسة والمصالح البريطانية، يقوم بتصديق المعاهدة العراقية البريطانية، ومناقشة
لائحة القانون الأساسي العراقي، وإبرامها دون إجراء تغييرات جذرية فيها تتناقض مع
المعاهدة التي صب فيها معظم بنود لائحة الانتداب البريطاني على العراق. والمتتبع
لقرارات المجلس التأسيسي يرى أن ذلك قد طبق فعلاً فقد صُدّقت المعاهدة وأُقرت
لائحتا القانون الأساسي وقانون انتخاب النواب بالصيغة التي كان يريدها المندوب
السامي تنفيذاً لسياسة حكومته»([1216])،
«أي إن الحكومة البريطانية أرادت تنظيم علاقاتها بالعراق بأقل كلفة وأقل احتكاك
مما قد يحدث لو كان حكمها له مباشراً،..وقد ظهرت فكرة المعارضة الشعبية في العراق
لأي شكل من أشكال السيطرة الخارجية.. أما العراقيون فلم تكن المعاهدة تعني بالنسبة
لهم، غير زوال الانتداب الممقوت، لأن المعاهدة تدل على الاستقلال، وهي