العلمائية التي استلمت أمور
القيادة - فيما بعد-. وقد يكون هذا التوقف عن تكرار الانفجار الثوري، ناتجاً عن
ضعف الوعي السياسي العام في صفوف الإسلاميين عموماً، أو لدى بعض القياديين
الإسلاميين. ولربما الإدارة البريطانية أحسنت إخراج مسرحيتها ذات الفصلين
المتعارضين من الناحية الشكلية - كما أسلفنا - وقد مثّل دور البطل في الفصل الأول
(ولسون)، وفي الفصل الثاني (كوكس)، مما أرهق وضع الإسلاميين، فصرفوا قسطاً مهماً
من طاقاتهم وجهودهم نحو ترميم الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي خلفته الثورة وعمليات
المقاومة وحالاتالتحدي.
وبالرغم من ذلك الموقف المبدئي للمرجعية الدينية العليا، إلا أن الموقف
الإسلامي انتابه ضعف عام، إثر انقسام القرار القيادي الذي عكس - بدوره - تزعزعاً
في تماسك البنية الإسلامية، فشهدت الساحة نوعاً من التصدع الداخلي لعدم اتفاق
القيادة الدينية على رأي موحد في تلك الظروف والملابسات أمام ترشيح فيصل. فبرز
اتجاه سياسي إسلامي مخالف لاتجاه المرجعية العليا، وعليه فقد انقسمت الساحة
الإسلامية إلى اتجاهين مختلفين حول ترشيح فيصل، مثّل الاتجاه المعارض لترشيحه
اثنان من كبار العلماء المجتهدين في النجف وهما: الإمام السيد أبو الحسن الاصفهاني
- المرجع الأعلى - والشيخ محمد حسين النائيني - أحد كبار الفقهاء - وكان رفض هذا
الاتجاه يستند إلى ضرورة حصول الاستقلال التام للعراق وتشكيل حكومة دستورية
إسلامية. ومعنى هذا إن معارضتهم شاملة لكل مرشح في ظل الانتداب البريطاني. - كما
بيّنا سابقاً - أما الاتجاه المؤيد لفيصل، فقد برز في الكاظمية وبغداد، ومثّله
عالمان كبيران - أيضاً - وهما: الشيخ مهدي الخالصي، والسيد محمد الصدر([1158]).
فقد أيدّ الشيخ الخالصي ترشيحه، والتعاون معه ضمن ضوابط وشروط. ويبدو أن فكرة
الشيخ الخالصي لم تكن وليدة الساعة، وإنما كانت ضمن الأجواء العامة التي كانت تتسم
بترشيح مشروطٍ لفيصل. وقد شجع - هذا التوجه - عددٌ من العلماء وزعماء العشائر،
وكانوا قد أبرقوا للشريف حسين في مكة، يطالبونه بإرسال ابنه فيصل ليكون ملكاً على
العراق، مقيداً بالمجلس النيابي، ويذكر - في ذلك الوقت - إنه حينما تهيأت البرقيات
من قبل الخالصي