بريطانيا فقادهم بذلك إلى الأمل في أن يتمكنوا من طرد
البريطانيين بمساعدة الملك»([1114]).
لذلك جاءت تأييدات العلماء لفيصل مشروطة بعدم التدخل الأجنبي والتقيّد بالبرلمان.
هذا من جانب ومن جانب آخر إن موقفه السلبي من البلشفيك يمنع انتشار الشيوعة في
بلاد إسلامية تحت إدارته([1115])،
وهذه المسألة تريح البريطانيين من احتمال بروز خصم منافس لهم في المنطقة والمسألة
المهمة الأخرى في هذا الاتجاه هي المسألة الدستورية حيث إن المناداة بتسليم العرش
لأحد أبناء الشريف تمت من قبل العراقيين أنفسهم في الاستفتاء الشعبي الذي أجراه
(ولسون) عام 1918 - كما مر معنا-، وقد «كان واضعو السياسة البريطانية والمخططون
لها في العراق يعتبرون الشريف حسين رجلاً يستطيع أن يمارس الضغط على أهل العراق،
وأن يوجه الرأي العام بطريقة تضمن للإنكليز وجوداً عسكرياً وممارسة للهيمنة
والسلطة هناك. وفي سنة 1916 كان الإنكليز يتدارسون السبل التي تمكنهم من الانتفاع
بالثورة التي قام بها الحسين ضد الأتراك، والاستفادة منها في القطر العراقي،
ولكنهم أكتشفوا بواسطة التقارير التي كان الضباط السياسيون يبعثون بها إلى
دوائرهم، إن الثورة العربية لم تثر في نفوس رجال القبائل العراقية أي حماسة أو
اهتمام. إذ يجب أن نتذكر أن معظم هذه القبائل كانت من الشيعة، وكان معظم العراقيين
قد تلقوا خبر نشوب الثورة العربية بشيء من الفتور واللامبالاة، واعتبروا ثورة
الشريف في هذا القطر عملاً غير مستحسن»([1116]).
هذا وبالرغم من ظهور الصفة الإسلامية في حركة الشريف حسين حيث «أطلق الشريف حسين
الرصاصات الأولى إيذاناً بالثورة، وأصدر بيانه الأول الذي اتهم فيه الاتحاديين
بالخروج على الشريعة»([1117])،
إلاّ أن هذه الحركة اتسمت بالارتباط الوثيق بأوروبا، حيث «كان اتصال الجمعيات
العربية في بلاد الشام بالقنصل الفرنسي (بيكو) في بيروت، كما كان اتصال جمعية
اللامركزية الإدارية العثمانية بالمعتمد البريطاني (كتشنر) في مصر. وقد ظهر هذا
التحالف بأجلى صورة خلال الحرب الأولى في اتفاقيات الشريف