وهكذا كان الاتفاق ضرورة
متبادلة. كما و«إن عدداً من رجال الجيش البريطاني الذين عملوا مع العرب في الحجاز
مثل (لورنس وغيره) ساهموا باقناع الدوائر المسؤولة، بأهمية الخدمات التي أدتها
الثورة العربية إلى قضية الحلفاء ودور الأمير فيصل بصورة خاصة، بالإضافة إلى أن
الصحافة البريطانية لعبت دوراً في الترويج لفكرة إسناد العرش العراقي إليه، وأشارت
إلى ما تنطوي عليه هذه الفكرة من مزايا عديدة منها استرضاء العرب وتخليص بريطانيا
من أعباء إدارة العراق وتكاليفه المالية»([1111]).
ومن زاوية أخرى، ستضمن مسألة إعادة تأهيل الحليف البريطاني فيصل عودة الهدوء للرأي
العام البريطاني، وذلك لأن الصحافة البريطانية أحدثت ضجة عامة ضد السياسة المتبعة
مع فيصل حليف بريطانيا. فمثلاً كتبت (ويستمنستر كازيت) في 9 تشرين الثاني 1920م،
27 صفر 1339هـ تقول: «..وفيما يتعلق بفيصل فإنه ساعدنا بعربه في التقدم نحو دمشق
أكثر بكثير من الفرنسيين، ولكنا نتخلى عنه الآن..»([1112]).
وبالإضافة
إلى كل ما سبق، فإن اختيار فيصل يمثل الحل الوسط من الناحية المذهبية بين السنة
والشيعة([1113])
ومن هنا يمكن أن نجيب على السؤال الماضي، لماذا فيصل المرشح الأوحد؟ وكذلك نتساءل
لماذا انحصر خيار عموم العراقيين الإسلاميين في شخص فيصل؟. وفي الحقيقة كان ترشيح
فيصل في نظرهم يمثل إختيار أهون الشّرين، لأنه سيحافظ على الوحدة الإسلامية بين
الشيعة والسنة على الأقل. «فالمجتهدون إذ كانوا يدركون مشاعر العداء بين الشريفيين
وعائلة سعود الحجازية التي اعتنقت المذهب الوهابي، عوّلوا على قيام فيصل بالدفاع
عن الإسلام الشيعي في العراق ضد الهجمات الوهابية المحتملة في المستقبل عن طريق
إخوان ابن سعود، كما وإن فيصل أكّد لبعض المجتهدين الكبار. إنه جاء إلى العراق
لينقذه من