فأراد
(كوكس) أن يفوّت فرصة مواجهة المعارضة في المجلس التي باتت مؤكدة لديه، وذلك
بآتخاذ خطوة سريعة وحاسمة لصالح مرشحهم الأوحد فيصل، خدمة للمشروع البريطاني،
والحقيقة إن تتويج فيصل ملكاً على العراق. يعدّ خطوة رئيسية نحو تنفيذ المشروع،
بينما في حالة تأجيل هذا التنصيب ستدخل المعادلة (الديمقراطية) في ميدان الصراع
السياسي، وفي حالة الاصطدام بين الإرادة البريطانية والإرادة العراقية ربما ستتهيأ
الفرصة السانحة لاندلاع الثورة من جديد. وذلك لظهور بعض المعطيات في الإطار
الحركي، دالة على ذلك. ولعلّ الهاجس الخطير لدى المؤسسة البريطانية الحاكمة في
العراق، يأتي من وجود ثغرات مثيرة في المشروع الاستعماري، سيجد الإسلاميون
العراقيون منفذاً من خلالها لإعادة تلاحمهم مع الدولة العثمانية والدخول في مسألة
الجهاد الإسلامي ضد الكفار المحتلين، مما يؤلب الرأي العام ضدهم بصورة لا تطاق([1104]).
لذلك عجّل (كوكس) بتسمية الملك كخطوة رئيسية نحو استكمال
المؤسسات السياسية الحاكمة وحينما يضمن هذه المسألة - ذات الأهمية البالغة - يتوجه
مطمئن البال نحو تشكيل المجلس التأسيسي([1105])
-كما حدث ذلكفعلاً-.
وضمن هذا
السياق للسياسة البريطانية كانت لفيصل ظروفه الخاصة بعد عزله عن عرش سوريا، وإن
البريطانيين شخصّوا فيه امتيازات محببّة لديهم، بالإضافة إلى تجربته السياسية
والإدارية في سوريا([1106])
التي صقلت