وذلك لكي لا تدخل الحكومة في صراع حاد مع المعارضة
الإسلامية الوطنية الذي بات وقوعه مؤكداً أمام مبادرة الحكومة المؤقتة في تشكيل
المجلس التأسيسي، وفي حينها سيمسك الإسلاميون زمام القيادة في المجلس، وبذلك
سيتقهقر مخطط المشروع البريطاني. ومن ناحية أخرى عارض عدد من زعماء الثورة
اللاجئين إلى الحجاز تشكيل هذه الحكومة، وهم: جعفر أبو التمّن، والسيد هادي
المكوطر، والسيد محسن أبو طبيخ، ونور الياسري، وعلي البازركان، وقد اعتبروها في
رسالتهم التي وجهوها بتاريخ 10 شباط 1921م، 2جمادى الثانية 1339هـ، إلى عبد الله
بن الشريف حسين «حكومة عربية كاذبة، من رجال صنعتهم (الإنكليز) يمقتهم الوطن
والأهلون»([1082]).
ومن ثمّ بايعوا فيصل ملكاً على العراق([1083]).
ومن ناحيته، واصل الشيخ محمد رضا نجل الإمام الشيرازي -الذي أبعدته سلطة الاحتلال
من العراق منذ حزيران 1920م - في توجيه رسائله من منفاه في طهران إلى بعض العلماء
وزعماء العشائر، يوضح من خلالها خططه في معارضة الإنكليز، مبيّناً أساليبهم
الإستيلائية([1084])
وذلك عبر تفريق كلمة الأمة، وتمزيق وحدة صفوفها في وجه المحتلين. ولكن - للأسف -
لقد سقط بعض المتصدين للوضع السياسي ضمن التشكيلة الوزارية في الفخ الطائفي الذي
ألهب الأوضاع نحو التفرقة وتفكيك الوحدة الإسلامية والتلاحم الوطني المصيري. وقد
حرص (كوكس) على استخدام هذا السلاح الخطير (فرّق تسد) للوصول إلى الغاية المنشودة
في تحكيم السيطرة البريطانية على البلاد. من هنا يقول الأستاذ النفيسي: «إن
الإنكليز كانوا قد عيّنوا متصرفين [محافظين] وقائممقامين سنيّين في المناطق التي
غالبية السكان