موقف الإسلاميين من الحكومةالمؤقتة

أمام هذه التطورات، بقي موقف الإسلاميين متجسداً بالرفض التام لتشكيل الحكومة، ولطريقة تشكيلها واختيار الوزراء، فنادوا بالانتخابات المباشرة من قبل الشعب، رافضين التعيينات الفوقية التي تصب في إطار المصالح البريطانية، ودأب العلماء على مواصلة ضغطهم ضد الخطوة السياسية - تلك - بتحريض الثوار والعشائر في الاستمرار بالأعمال الثورية، وذلك لإسقاط المخطط. فاستمر القائد الإمام شيخ الشريعة في قيادة المعارضة ضد مشروع الاحتلال البريطاني والانتداب وتشكيل الحكومة المؤقتة حتى وفاته المفاجئة في كانون الأول 1920م، ربيع الأول 1339هـ. وكان علماء النجف ينظرون نظرة ريبة وتخوّف إلى الحكومة المؤقتة التي يتولى أمرها الإنكليز([1078]). بينما شكك علماء الكاظمية في صدقيّتها وتمثيلها لإرادة الناس، وطالبوا بتشكيل حكومة منتخبة من قبل الشعب([1079]). وهكذا أضحى التيار الإسلامي العام ينظر إلى الحكومة المؤقتة بأنـها واجهة إدارية لسلطات الاحتلال البريطاني، مهمتها تنفيذ إرادة المندوب السامي من دون مناقشة، وإنها لا تمتلك قدرة صناعة القرار، لذلك شهدت الساحة الاجتماعية والأندية الثقافية والسياسية مظاهر متعددة تعبيراً عن معارضتها للحكومة المؤقتة([1080])، مما زاد في عزلتها عن الساحة الاجتماعية فضلاً عن فقدان هيبتها في ميادين الثورة. من هنا اندفع (كوكس) مستعجلاً لتنفيذ مشروعه في استكمال إنشاء المؤسسة السياسية العليا، معرضاً عن تشكيل المجلس التأسيسي، الذي كان يراه من مهام الحكومة المؤقتة في البداية، وأجّل موضوعه إلى ما بعد تنصيب الملك([1081]).