وكان الهدف
من إسراع (كوكس) لتشكيل الحكومة المؤقتة «يتمثل في أمرين، الأول: إيهام الشعب
العراقي بأن هدفه وطموحه الوطني قد تحقق بتشكيل حكومة عربية، ومن ثم تصفية الثورة
عسكرياً باعتبارها تمرداً على سلطة شرعية وطنية. والثاني: تجريد زعماء الثورة
وخاصة علماء الدين من شعار الاستقلال والحكم الوطني، ومن ثم تصفية الثورة سياسياً،
والتمهيد لإقامة نظام غربي إنكليزي يكرس الوجود الاستعماري في العراق لفترة طويلة»([1063]).
والذي شجع
سلطات الاحتلال على تجاوز القيادات الإسلامية، وغض النظر عن رأيهم في ظروف الإحباط
إثر الهزيمة العسكرية للثورة، هو استغلال رفض العلماء، وزعماء الثورة لمسألة
التفاوض معها بشأن تشكيل الحكومة منذ آب 1920م([1064])
فحينما وصل (كوكس) إلى البصرة في 11 تشرين الأول 1920م الموافق للثامن والعشرين من
محرم 1339هـ، وهو يحمل مشروعاً جديداً بشعارات براقة، في حينها انتهى عهد الحكومة
العسكرية البريطانية، بينما استمرت الأحكام العرفية في المناطق التي بقيت ثائرة.
وحرصاً من القيادة الإسلامية على المسيرة الجهادية ونتائج الثورة، رفضت التسوية
السلمية مع جيش الاحتلال، والإدارة السياسية ضمن مفاوضات الصلح - بشروط مفروضة -
أو إعلان الهدنة، لأن ذلك سيوفر الفرصة الكافية لالتقاط جيش الاحتلال أنفاسه،
لترتيب وضعه واستعداداته لخوض المعركة بأساليبجديدة.
هذا، ومما
يذكر أن النقيب الكيلاني كان قد أكد سابقاً بعدم قبوله استلام منصب سياسي في
البلاد، إلا أنّه تراجع عن رأيه بعد اجتماعه مع (كوكس)، حيث حسم تردده بالموافقة.
ويبدو أن أسباباً عديدة دعت الكيلاني إلى القبول، منها ما تنقله إلينا (المس بيل)
حينما قامت بزيارته إلى بيته في