العراق بصورة دستورية. وما أعقب ذلك من تطورات الساحة الحركية وظهور مستجدات
سياسية وتوازنات إدارية، مما أدخل اتجاهات جديدة في إطار المعارضة قد تكون بعضها
ضمن صراع الإرادات والمصالح الشخصية وذلك للحصول على المناصب الحكومية المطروحة،
أو أنها تمثل تيارات سياسية وفكرية معينة تتمايز عن غيرها بطبيعة تفكيرها، وبأسلوب
مسايرة الحالة الواقعية المستجدة للساحة، بشكلٍ يضمن أداءها المؤثر داخل السلطة
والمجتمعمعاً.
وكانت
لأساليب السياسية البريطانية أثرها الواضح في خلق تلك الأجواء، فمثلاً «أرسلت
وزارة الحربية (لورنس) إلى البصرة، في آذار / مارس 1916م [جمادى الأولى 1334هـ]،
فيما وصف بأنه إحدى أغرب المهمات في التاريخ العسكري البريطاني، وهو تقديم مبلغ
مليون باوند (زيد إلى مليونين) كرشوة لخليل باشا لفك حصار الكوت عن الإنكليز،
وكلّف (لورنس) أيضاً بالبحث في البصرة عن إمكانيات قيام حركة عربية. وكان القوميون
العراقيون مهيئين لمثل هذا الموقف. فقد أثارت حفيظتهم إجراءات الشنق الواسعة
النطاق في بيروت ودمشق، والفظائع في الحلة، كما شجعتهم الانتفاضات الناجحة في
النجف وكربلاء.. واستناداً إلى فيضي، يبدو أن (لورنس)، خلال إقامته في البصرة،
قابله مرتين في 7 نيسان/ أبريل 1916م، [4 جمادى الثانية 1334هـ]، لبحث شروط الحركة
العربية في العراق، وكانت حجج (لورنس) تستند على الافتراض بأنه إذا ثار عرب العراق
ضد الأتراك، فسوف تضمن بريطانيا لهم الحرية والاستقلال. وقد ذكر أنه لا توجد لدى
الحكومة البريطانية أو الشعب البريطاني أية نوايا استعمارية إزاء العراق. ويدّعي
فيضي أن (لورنس) عرض عليه تقديم كافة المساعدات والإمكانيات المتوفرة في حالة
قبوله قيادة الثورة المقترحة [من قبل بريطانيا]»([983]).
هذا، وقد
أبدى طالب النقيب تنازلات هائلة للبريطانيين، وأبدى استعداده التام كحليف مطيع
لبريطانيا([984]).
ومع نمو
هذه التوجهات على الساحة العراقية في تلك المرحلة فقد