في وجهه..»([972]).
ولكنها على المدى البعيد رسخّت في نفوس العراقيين مفاهيم النهضة والمقاومة والثورة
ضد المحتلين، من أجل الكرامة الوطنية والاستقلال والحرية والسيادة. وقد رسمت ثورة
العشرين طريق الخلاص لشعب العراق، بل للشعوب المقهورة تحتالاحتلال.
وهكذا أُسست - في حينها - حكومة عراقية الظاهر، بريطانية المحتوى، وقد رشحت
بريطانيا الأمير فيصل لعرش العراق في مؤتمر القاهرة المنعقد في 12 آذار 1921م،
3رجب 1339هـ، وعملت بجهد بالغ لتنصيبه ملكاً على العراق. منفذاً لسياستها([973]).
إذن أدت
هذه الثورة من الناحية العملية إلى تقديم عرش العراق إلى فيصل ضمن «صفقة سياسية
معقدة»([974])
باعتباره الرجل الأنسب لأداء المهمة الصعبة. فبعد قهر الثورة في خريف 1920 «كان
البريطانيون يريدون ملكاً يتولى السلطة ولا يحكم. فيصل وهو شريف متحدر عن سلالة
النبي، غريب عن العراق، كان مرشحاً مثالياً في أواخر شهر حزيران سنة 1921، سنة بعد
طرده من دمشق، وصل فيصل إلى العراق»([975]).
هذا، ومن
الطبيعي جداً أن بريطانيا بعد انتهاء الثورة وتنصيب فيصل ملكاً على العراق ستثأر
بقوة من الإسلاميين المعارضين وعلى رأسهم علماء المسلمين الشيعة، بشتى الأساليب
الانتقامية، وذلك لأنهم سبب إشعال الثورة ضدهم وإفشال المخطط البريطاني في العراق
والمنطقة، فلقد «تبين أن المجتهدين الشيعة في النجف وكربلاء يعارضون الحكم
البريطاني في العراق، ويعارضون الحكومة التي جاء بها البريطانيون، كان واضحاً أن
بريطانيا كانت تريد حكم الأقليّة، هذه الرغبة كانت تمنع إقامة تحالف مع الشيعة.
يقول أحد علماء الدين في جملة موجزة ملائمة: مع وجود السُّنة في الحكم،
البريطانيون يستطيعون السيطرة على البلاد بواسطتهم، مع وجود الشيعة في الحكم، لن
يكون هناك حكم انتداب»([976]).