الإنكليز كانوا يشكّون بهذا الرجل وقبيلته، وذلك لأن
«قبيلة الزوبع كانت تميل إلى الشيعة، ومن المرجح أنها كانت في تلك الفترة قد اتصلت
بالنجف مركز التحريض السياسي في منطقة الفرات الأوسط»([944]).
وكان «السيد محمد الصدر مبعوث المجتهد الأكبر في [منطقتي]. الدليم وسامراء يقوم
بنشاط كبير بين رجال قبيلة الزوبع، قبيلة الشيخ ضاري، ولم تكن جهوده المبذولة بدون
جدوى»([945]).
يقول السيد الحسني: «أما الشيخ ضاري، فإنه بعد أن راسل زعماء الثورة في كربلاء
آنتقل إلى أراضي النعيمية، فكتب إليه الشيخ علي السليمان رئيس قبائل الدليم، أن
يرحل عنها ولا يحرج موقفه مع الإنكليز، فانتقل الشيخ الثائر إلى أراضي الرزّازة
[قرب كربلاء] فحاول الشيخ فهد الهذّال رئيس قبيلة عنزة أن يقبض عليه ويسلمه إلى
خصومه، ولكن ضاري استطاع أن يفلت من هذا الشَرَك، وتوجه إلى خان العطيشي بين
كربلاء والمسيب حيث آتخذه مركزاً لقيادة الجماعة التي بصحبته من قبيلة (زوبع)
واشتركت في الثورة»([946]).
وعلى ضوء تلك المعطيات في القضية،
تتأكد العلاقة بوضوح ما بين الشيخ ضاري المحمود زعيم قبيلة زوبع والمرجعية الدينية
الشيعية، إلى درجة التنسيق في العمل الجهادي، وذلك لأن كلمة العراقيين قد اجتمعت
في ظل زعامة الشيخ الحائري، وقد حاول الضابط (ليجمن) أن يثير النزعة الطائفية لدى
اجتماعه بشيوخ الدليم، حيث «طلب منهم معرفة رأيهم بالثورة القائمة في الفرات
وبغداد، يطالب بها الشيعة في إقامة حكومة مستقلة، فرد عليه الشيخ ضاري: ليس في
الإسلام سنة وشيعة، بل هو دين واحد وعرف واحد وكلمة واحدة.. فقال الضابط الإنكليزي
(ليجمن): أنتم عشائر، الأجدر بكم أن تكونوا مستقلين، فرد عليه الشيخ ضاري: إن
علماءنا حكومتنا وقد أمرنا القرآن بإطاعة الله والرسول وأولى الأمر منّا، فإذا
آعتديتم عليهم سننتصر لهم ونحاربكم بجانبهم، والأوْلى أن تقبلوا ما أرادوا. يروي
فريق المزهر الفرعون في مقابلته لشيوخ المنطقة في الفلوجة بأن الشيخ ضاري قال لهم:
إنه أصبح يقلّد علماء الدين الأجلاّء، وأنهم أمروه بالقيام بالثورة، وقد أخرج لهم