ذي القعدة 1337هـ، يحتج
فيها على تسفيرهم ويطلب إخلاء سبيلهم، ودافع عن طريقتهم السلمية في المطالبة
بحقوقهم المشروعة. فأجابه (ويلسون) برسالة مفصلة، يدافع من خلالها عن الأجراء
الوقائي، ولكن نزولاً لرغبة الإمام سيتم تسريح السيد الطباطبائي وإرساله إلى
سامراء تحت الرقابة العامة، وفي حالة عدم التزامه يتم اعتقاله ونفيه، أما السيد
المولوي فسينفى إلى الهند بلده الأصلي، وأما الأربعة من أهالي كربلاء فإنهم ينشرون
الإشاعات الكاذبة ضد الإنكليز ويشوشون أذهان الناس([806])
وكان هذا الجواب مؤلماً للإمام الحائري، وعلى أثره استخدم تكتيكاً ذكياً أدّى إلى
إطلاق سراحهم. حيث أعلن عن عزمه للهجرة إلى إيران وقيادة الجهاد ضد الإنكليز من
هناك. فتوالت عليه الرسائل من العلماء ورؤساء العشائر وأعيان المدن، فتألب الرأي
العام ضد اعتقالهم، وضد رسالة (ويلسون) أيضاً. وممّا جاء في إحدى الرسائل -
كمثال-: «..إن حادث كربلاء المقدسة أقام قيامة العلماء وكدّر خواطر الفقهاء، أدمى
القلوب وأبكى العيون، كيف لا، وأنه اعتداء على مقام الإسلام، وتوهين بمنازل
العلماء الأعلام.. يا حجة الإسلام، لم يبلغنا خبر هجرتكم إلاّ وصمّمنا على اتباعكم
والسير على منهاجكم فلا تطيب لنا بعدكم دار، ولا يكون لكافة أهل العلم قرار،
فأْمرونا فإننا ممتثلون طوع أمركم، ورهن إشارتكم..»([807]).
فما وجد (ويلسون) خياراً أمامه سوى استرضاء الإمام
الحائري، وتراجعه عن رسالته غير الحكيمة، فأمر بإعادتهم بعد مضي أربعة شهور من
إبعادهم، فعادوا إلى كربلاء في 2 كانون الأول 1919م، فاستقبلوا استقبال الأبطال
المجاهدين، كما وأرسل (ويلسون) مبلغاً من المال إلى الإمام عن طريق معتمده محمد
حسين خان الكابولي في محاولة استرضائية أخرى، عسى أن تمهّد خطوته هذه لخطواتٍ أخرى
للتقرّب والانفتاح ومن ثمّ التأثير المباشر على الشيخ القائد، ولكن الإمام كان
حكيماً وواعياً فصدمه برفضه القاطع([808])
وأغلق الطريق عليه تماماً. وبالمقابل لقد أصبح إطلاق