أنحاء
العالم الإسلامي. ويعتقد الشيعة أن علماءهم نوّاب أئمتهم فلا يخالفون لهم أمراً
ولا فتوى ولا حكماً من الأحكام الشرعية»([760]).
هذا، وقد
استُثمرت مسألة ضرورة الدفاع عن النفس باستخدام السلاح في أوساط القبائل،
باعتبارها مسألة موروثة من أيام العثمانيين ودعت إليها الضرورة في أثناء الحرب،
وذلك باتجاه الإعداد للمواجهة العسكرية والثورة، وبالفعل لقد شجّع الإسلاميون عموم
الناس وخصوصاً أبناء العشائر لشراء العتاد والسلاح، وحثّوهم على حسن التعليم
والتدريب. وقد كانت الظروف المالية مشجعة - قبيل الثورة - لغرض اقتناء هذه
الأسلحة، لتطور حركة السوق المحلية - كما أسلفنا - لذلك «عندما احتل الإنكليز
العراق، لم يستطيعوا تجريد القبائل من السلاح، بالرغم من الجهود التي بذلوها في
هذا الشأن»([761])،
علماً بأن توجه الإسلاميين، هذا - كما يبدو لنا - جاء في الوقت المناسب، حيث أخذ
البناء العشائري يتعرّض لاهتزازات واضحة جرّاء سياسة سلطات الاحتلال، فقد منح
الإنكليز، الدعم المعنوي والمادي لشيخ معين دون غيره في القبائل والمناطق الكبيرة،
على أساس تبادل المنفعة، فالشيخ يحفظ الأمن والنظام فيها، مقابل دعمهم الشخصي له،
وهذه السياسة «وطّدت سيطرتهم على الريف العراقي، وزادت من الإنتاج الزراعي، إنما
هي من الناحية الأخرى جعلتهم مكروهين من قبل عدد كبير من شيوخ العشائر، فهم قد
أرضوا بهذه السياسة شيخاً واحداً في كل منطقة، بينما هم أغضبوا الكثيرين فيها»([762]).
فكان في تصورهم أن شيوخ العشائر، وأصحاب الأراضي يستغلون الطبقات العاملة
والفقيرة في العشيرة، فاتجهوا نحو قبول شكاوى الفلاحين، وأبناء العشائر ضد
أسيادهم. وكانوا «يظنون أن هذه السياسة تؤدي إلى زيادة حبّ الناس لهم، وما دروْا
أنها قد تؤدي أحياناً إلى عكس ما يظنون. وقد أدرك الأتراك ذلك منذ زمن قديم،
فكانوا يتحيّزون في أحكامهم نحو رئيس العشيرة لأنهم يعلمون أن رضا رئيس العشيرة
عنهم أنفع من رضا أفرادها الصغار»([763]). وإنْ كان الإنكليز