إن وعي
القيادة المرجعية على مجريات الأحداث التفصيلية التي يعاني منها شعب العراق،
وتصدّي المرجع الأعلى - بالذات - لقيادة وإدارة التحرك السياسي والثوري للأمة من
أبرز الأسباب المؤدية للثورة. فقد أصبحت الظاهرة الاستيعابية التي أبداها القادة
الإسلاميون، لمختلف شكاوى الناس من سوء السياسة الإدارية لسلطات الاحتلال، هي
السمة الأساسية لتلك المرحلة، حيث مهّدت السبيل لتقوية لغة التفاهم المصيرية بين
المرجعية والناس بدرجة عالية، بحيث أصبحت الأمة في المدن كما في الأرياف، وفي
أوساط المجتمع بالعاصمة والمدن المهمة كما في أوساط العشائر، فالأمة بكل تفاصيلها
تنتظر الموقف القيادي الصادر من المرجع الأعلى، لغرض تنفيذه مباشرة، وبذلك حلّت
الثقة المطلقة.. [لتشكّل]، بين القائد والناس، مما أدى إلى تكامل أسس المواجهة
والثورة. «فجاءت فتاوى العلماء.. محفّزاً لهممهم، ومهيّجاً لشعورهم، ولا غرو في
ذلك فقد قاد [علماء] الدين الرأي العام في أيام الانقلاب الدستوري، وفي أثناء
الحرب العامة، فكانوا من أصدق القوّاد المتفانين في سبيل مبادئهم، ومن أخلص
الزعماء المؤمنين بعقائدهم»([758]).
وعليه، فإن
الدور القيادي للعلماء الإسلاميين، في الساحة العراقية، على المستوى الفكري
والسياسي والعسكري يحدد هوية الثورة، ومنطلقاتها، كما يحدد الهدف الرئيس لها وهو
إقامة حكومة إسلامية مستقلة([759]).
يقول
الدكتور فياض: «يعدّ العامل الديني أهم العوامل وأبعدها أثراً في تحريض العراقيين
على الثورة ضد سلطات الاحتلال البريطاني سنة 1920م. وقد قام المجتهدون من علماء
الشيعة الإمامية، والساكنون في العتبات المقدسة في العراق بدور فعّال في حشد
المسلمين العراقيين على قتال الإنكليز، إذ امتنعوا عن التسليم بحقوق العراقيين
المشروعة بالاستقلال. وكان هؤلاء العلماء يتمتعون بنفوذ كبير على الشيعة في جميع