ويبدو أن الروايات كثيرة في
هذا الاتجاه، عكست روح الاستعلاء على شعب العراق مما أثار النفوس نحو التمرد
والثورة، فمثلاً «عندما عينت حكومة الاحتلال الكابتن (كرين هاوس) (.. ) حاكماً على
النجف، أساء السيرة حتى أنه إذا مرّ بشارع جعل أمامه من يستعمل السوط، ليفسح
الطريق للحاكم المذكور»([744]).
هذه الحالة وأمثالها من الممارسات الاستفزازية، اُختزنت في نفوس الناس، وأخذت
تتراكم بعضها على بعض، حتى يحين وقت تفجيرها - فيما بعد - ثأراً للكرامة المهدورة،
وما أَلحقت بهم سياسة الإذلال- تلك-.
أما طريقة
امتصاص الخيرات لسد احتياجاتهم الاستهلاكية فكانت غير مألوفة، مما أثارت حفيظة
المجتمع - أيضاً-، فقد «احتكروا الأقوات وابتاعوها بأبخس الأثمان، ثم باعوها
بأثمان غالية جداً، الأمر الذي أدى إلى حدوث مجاعة عامة»([745]).
يقول
الأستاذ الوردي: «حدثني أحد شيوخ المشخاب، إن طغار الشلب كان سعره في العهد التركي
يتراوح بين الليرة الواحدة والخمس ليرات، وصار في عهد الاحتلال يتراوح بين 35 و50
ليرة»([746])،
واستتبع ذلك ازدياد الضرائب، وقد زاد محصول الضرائب في عهد الاحتلال ثلاثة أضعاف
عمّا كان عليه في عهد الدولة العثمانية، «وهناك ناحية أخرى من التضخم أدّت إلى
التذمر بين الناس، هي أن التضخم أغرى التجار أن يزيدوا من استيراد البضائع
الأجنبية زيادة مفرطة»([747]).