تسد) وهي السياسة التي تتمسك بها الحكومة
البريطانية في مختلف الظروف والأحوال»([736]).
فما بين سنة 1918-1920 حكمت بريطانيا العراق حكماً مباشراً، وكانت السلطة «موزعة
بين وزير الخارجية ووزير الشؤون الهندية في الحكومة البريطانية. وقد أناطت حكومة
الهند إلى ضابط من ضباطها وظيفة الحاكم العام [سيفل كومسينير] وجعلته مسؤولاً عن الإدارة
المدنية، ولكنها جعلته خاضعاً لسلطة القائد العام للقوات المسلحة. ويختار الحاكم
الملكي العام بدوره الموظفين الإداريين وهم مسؤولونأمامه.
وقد قسم
العراق إلى مناطق إدارية، يحكمها الموظفون الإداريون تحت اسم حكّام سياسيين
يعاونهم في كل منطقة إدارية عدد من المعاونين حسب الحاجة وأهمية المنطقة. وكان
معظم هؤلاء الحكّام السياسيين من ضباط الجيش الذين لم يألفوا الإدارة المدنية..»([737])،
«فساروا في الناس سيرة خشنة وساقوهم سوقاً عنيفاً وصبّوا التكاليف الثقيلة دفعة
واحدة..»([738]).
وبناءً على
هذه الممارسات الاستيلائية في الإدارة، كان من الوهم أن نتصور نشوء علاقات ودية
بين جيش الاحتلال وشعب العراق، بالرغم من التصريحات المهدئة للأوضاع والهدايا
الثمينة التي كانت تقدمها بسخاء تلكم السلطات إلى رموز المجتمع وخاصة الفراتيين
منهم([739]).
بل تحكّمت بين الطرفين -كما كان متوقعاً ومنذ البداية - علاقات ميدانية غير
طبيعية، هي في الحقيقة علاقة جيش مـحتل لشعب يقع تحت وطأته. فكانت قيادة الجيش
وعناصره تحاول وبكل ما أوتيت من قوة وحيلة، امتصاص خيرات البلاد لسد حاجاتهم
الحياتية، وكذلك لغرض إذلال الشعب أمام السطوة العسكرية. فصارت هذه الحالة شديدة
الوطأة على الناس عموماً، وعلى المتصدين لهم خصوصاً. فكانت «السخرة وجمع الطعام،
وأشغال القطارات ببدلات ضئيلة جداً، واستخدام وسائل النقل، وتقييد التجوال
والأسفار، وعدم السماح بنقل الجنائز إلى المراقد المقدسة. كل هذه الحالات لم
يألفها الناس.. وقد زاد في