لهذا الموقع
تجتمع عليه الأمة، مما ترك فراغاً واضحاً، ولم تفرز الأحداث في وعي الناس رمزاً
سياسياً وطنياً يجمع أطراف الساحة، وبالنتيجة ملأ هذا الفراغ رجل بريطانيا فيصل،
بطريقةٍ مدبرة، وبالفعل «مكّن [هذا الموقف السلبي] إدارة الاحتلال من توظيفه
لصالحها»([671]).
أما الاستفتاء في كربلاء، فانه آتخذ سبيلاً أشد وأعنف من
الأماكن الأخرى. يقول الأستاذ حسن شبر: «الانتكاسة الثانية التي واجهت الإدارة
البريطانية في عملية الاستفتاء، التي حدثت في كربلاء، وهي انتكاسة أكثر شدة مما
حدث في النجف الأشرف، والذي ساهم في ذلك، أن الحركة الإسلامية في كربلاء، كانت
قوية في الفترة القصيرة التي سبقت الاستفتاء»([672]).
وقد ذكر
الحاكم المدني العام (ويلسن) في كتابه (ثورة العشرين) حجم تهديدات وأساليب
المعارضة خصوصاً في كربلاء، مؤكداً على أن «تهديدات الوطنيين الذين كانوا أقوى في
كربلاء منهم في النجف، كما كانت أساليبهم على جانب كبير من الدهاء والمكر وكانت
المطبعة دائمة الانشغال بأعمالهم»([673]).
والمهم لقد
اتفق العلماء والأشراف ووجهاء كربلاء ورؤساء العشائر، على مضبطة وردفيها:
«..اجتمعنا نحن أهالي كربلاء امتثالاً لأمركم، وبعد
مداولة الآراء، وملاحظة الأصول الإسلامية، وطبقاً لها، تقرر رأينا على أن نستظل
بظل راية عربية إسلامية، فانتخبنا أحد أنجال سيدنا الشريف، ليكون أميراً علينا
مقيداً بمجلس منتخب من أهالي العراق..».