وتوجيهاته، فأجابهم: «إن القضية مهمة، ويجب
أن تعقدوا اجتماعاً عاماً يحضره الجميع، من جميع الطبقات، وأن لكل فرد الحق في إبداء
الرأي، سواء أكان تاجراً أم بقّالاً، زعيماً أم حمّالاً»، وبعد اجتماعات عديدة،
ومشاورات عادوا إلى السيد اليزدي، فأجابهم بأنه «رجل دين، لا دخل له بالسياسة
مطلقاً، فاختاروا ما هو أصلح للمسلمين»([668]).
وبالفعل
عقدوا عدة اجتماعات واتفقوا فيها على: «أن يكون للعراق الممتدة حدوده من شمالي
الموصل إلى خليج فارس، حكومة عربية إسلامية يرأسها ملك عربي مسلم، هو أحد أنجال
الملك حسين على أن يكون مقيداً بمجلس تشريعي»([669]).
ويذكر حسن الأسدي - وهو من المعاصرين للأحداث - إن الصيغة التي أُتفق عليها لدى
الناس المجتمعين، هي المطالبة «بالاستقلال التام الناجز أو الثورة»، دون ذكرٍ لأحد
أنجال الشريف حسين لتولي الحكم، وإنما المضبطة التي وُقّعت وفيها هذا الطرح، إنما
تمت بإشارة السيد اليزدي كحل وسط([670]).
ولا نريد أن نسوِّغ للمرجع رأيه، وإنما قد يكون ذلك، نوع من الاستجابة
للضرورة المرحلية، التي أملت عليه هذا الرأي، خوفاً من ضياع الفرصة، والانتقال إلى
مرحلة أشد خطورة. ويبدو أن الآراء كانت متباينة، ومقلقة للأوضاع المستقبلية، فحسمت
بإشارة السيد اليزدي! والحقيقة أن هذا الموقف للسيد اليزدي هو موقف التيار
الإسلامي عموماً والشيعي بالتحديد وبمعنى آخر لقد حصل شبه إجماع عام على فيصل نجل
الشريف ليكون رئيساً للعراق، وذلك لأسباب ضاغطة عاشتها الأمة آنذاك، سنشير إليها
فيما بعد. ومهما كان التحليل المبرر لهذه الإشارة، فإنها هفوة سياسية، وإدارية
أيضاً في منظارنا الحالي. فمن الناحية السياسية، هل يمكن نسيان دور الشريف حسين
وحركته في محاربة الدولة العثمانية: إلى جانب الإنكليز، وهو أمر مخالف لموقف
العلماء في العراق، حيث وقفوا بكامل ثقلهم إلى جانب الدولة العثمانية
ضدالإنكليز.
أما من
الناحية الإدارية، فإن هذا الترشيح يدل على عدم قناعة السيد اليزدي بقيادة الساحة
سياسياً، وذلك لعدم تمكنه من ترشيح أحدٍ من جانبه