ويجدر بنا، أن نقف عند هذه النقطة بشيءٍ من التنظير، ففي
التحرك الإسلامي، على المستوى الثقافي والسياسي تتضافر الجهود وتتكامل فيما بينها،
من المرجعية، والعلماء المجتهدين، والمثقفين الإسلاميين، ورؤساء العشائر، في سبيل
تنضيج رؤية الساحة، والاسهام في التصحيح الثقافي والسياسي، وقد يبرز الكادر الوسط
على المنبر الخطابي أو الصحافي أكثر من المرجع الأعلى، ولكن يبقى ذلك الجهد في
حدوده التفصيلية، بينما يكون للمرجع القائد، الدور الأساس والحاسم، في دعم هذا
التوجه أو الإعراض عنهوإفشاله.
أما في العمل الحركي والجهادي، فالممارسات المؤيدة
للحالة الحركية الجهادية على الأرض، من قبل المرجع القائد، توفر على الإسلاميين
جهوداً كبيرةً، وفرصاً ذهبية، تدفعهم لتكريس توجّههم نحو الأمة، لغرض تنظيمها
وتعبئتها باتجاه الالتزام بالفتاوى الجهادية الصادرة من المرجع. باعتباره القائد
الديني والسياسي لتلكالمرحلة.
وأما في
حالة عدم قناعة المرجع الأعلى في أداء هذه المهام الحركية والجهادية لمسوغاته
الموضوعية، وأسبابه الذاتية، تجعله يعزف عن اتخاذ المواقف الصعبة، وهذه الحالة
تنعكس بآثارها على خارطة العمل السياسي بشكلٍ كبير، فتتصدع وحدة الموقف في ظل
المرجعية، مـمّا يدفع بعض المجتهدين - الأقل رتبةً من المرجع الأعلى - إلى
المبادرة لقيادة الساحة سياسياً، وتحمّل مسؤولية حركة الأمة جهادياً، امتثالاً
للواجب الشرعي. وفي هذه الحالة تتوزع طاقة الإسلاميين إلى اتجاهين متعاكسين، اتجاه
المرجع الأعلى لاقناعه بضرورة التحرك، واتجاه عموم الناس لاقناعهم أيضاً، مـمّا
يضعف قدرة التركيز في عملالإسلاميين.
وفي هذا الصدد يذكر (ولسن) وكيل الحاكم الملكي العام،
إنه بالرغم من الصمت الذي كان يلتزم به السيد اليزدي، فإن المجتهدين الذين هم دونه
مرتبة، كانوا قد اتفقوا وقادة الحركة الشعبية في تحريض الأهالي والتأثير عليهم([650]).
إلا أنه، حينما برزت قيادة الشيخ
الشيرازي على ساحة الحركة السياسية