والملفت
للنظر بحرقةٍ وألم، أنه أقيم حفل كبير في عصر يوم الاعدامات 30 أيار في دار السيد
عباس الكليدار في النجف تكريماً لبلفور حضره من بغداد (ويلسون) وبعض الوجوه
والأعيان وقدّموا هدية إلى الإنجليز سيف شرف إلى (بلفور) وخاتماً ذهبياً ضخماً إلى
(ويلسون)، وشكر (بلفور) الحضور باللغة العربية فيما (ويلسون) شكرهم باللغة
الفارسية([626]).
أما زعيما
الجمعية وهما: الشيخ محمد جواد الجزائري، والسيد محمد علي بحر العلوم، فقد استبدل
حكم إعدامهما إلى النفي خارج العراق، بعد توسط الإمام الشيخ محمد تقي الشيرازي،
وشيخ المحمّرة خزعل([627]).
وهنا
يمكننا أن نتساءل هل كان في استطاعة الإنكليز أن يتفادوا حادثة حصار النجف؟ وهل عرفوا
إلى أين سيجرهم هذا الحصار؟ ومن هم الأشخاص الذين كانوا يُسدون لهم المشورة والنصح
في طريقة معاملتهم مع أهل النجف؟ يقول النفيسي: «نحن نعتقد، أنه كان في إمكان
السلطة البريطانية أن تتفادى حصار النجف المفجع، لو انه قيّض لها أن تتصل
بمستشارين يعرفون العقلية الشيعية[!]، وأنهم كانوا حسني الإطلاع على النجف، وطبيعة
أهلها، ولكن كان مستشارهم وناصحهم السيد مهدي سلمان، والسيد محمد المحيسين، وهما
من زعماء تجار الاحتكار، ولم يكن رفع الحصار، أو تشديده يعنيان شيئاً بالنسبة
إليهما، إلاّ بقدر ما كانا يدرّان لهما من ربح في بيع تمور البصرة، أو حنطة الحلّة
التي كانت تتكدس في عنابرهم (مخازنهم). فانه عندما فرغت عنابر السيد مهدي سلمان،
مما تكدس فيها من طعام، أظهر ميلاً إلى الاستسلام إلى الإنكليز، ورفع الحصار..
كذلك السيد محمد المحيسين فانه أقنع (ليشمان)، بأنه إذا عضدته الحكومة البريطانية
بالمال، فإنه يستطيع أن يدخل النجف على رأس جماعة