ونحن - من هنا - إذ نُجاري المحللين للأحداث
في هذا التقييم إلا أننا في الوقت ذاته لا نؤمن به على إطلاقة العام، وذلك للحقيقة
التي نعيها وهي أن الدوافع الإسلامية الوطنية كانت وراء المؤسسين والموجهين
للجمعية من العلماء الأفاضل بينما الحالة الشعبية ما كانت تمتاز بالدوافع
الالتزامية ذاتها، بقدر ما كانت دوافع ذاتية وحماسية، مما أفقد العلماء والقادة
سيطرتهم عليها، فمن هنا نؤكد بأن هذه الجمعية ما كانت على استعداد لاستيعاب الحالة
الشعبية العامة التي غالباً ما تمتاز بالانفعالات والارتجاليات وردودالفعل.
على كل حال، لقد توسع الحجم المؤيد للجمعية بانتماء
الزعماء المحليين لها. ولكن هذا التوسع الأفقي في التنظيم، خَلَقَ بوناً شاسعاً
بين أعضائها في طريقة التفكير، وأسلوب التنفيذ، والتوقيت، فسرعان ما توزّعت قوّتها
على جناحين متقابلين في طريقة العمل. أحدهما يدعو إلى دراسة الأوضاع، ومعالجتها
بتروٍ وامعان، والثاني يحمل راية السرعة والتعجيل في تنفيذ المهام وإعلان الثورة([611]).
وهذه الحالة من أكبر المصائب على الحركة في طورها السّري، وذلك لأن اصطدام
القناعتين سيولّد انفجاراً ثورياً غير مدروس، ومعنى ذلك تضاؤل احتمالاتالنجاح.
والمهم، كان على رأس الجناح المستعجل، الحاج نجم البقال،
الذي استطاع أن يجمع ما يقارب الأربعين متطوعاً من أعضاء الجمعية، في محور سري ضمن
الجمعية لتنفيذ هجوم مسلح على مركز السلطة البريطانية في النجف. وقد تمّ هذا
الاتفاق بين أعضاء هذا الجناح، من دون استشارة تذكر لرأي الجناح السياسي في
الجمعية، وحتى اللجنة القيادّية