دورة
تدريبيّة لكفاح الأمة، تهيأت من خلالها للقيام بأدوارها المطلوبة، في فترات لاحقة،
بصورة مستقلة أو أكثر استقلالية، هذه الحالة - بحد ذاتها - هي الحياة بالنسبة
للإسلاميين، في ظروف الاعتداء الأجنبي والاحتلال الكافر، وهذه النتيجة من أبرز
نتائج حركة الجهاد الإسلامي. «وإن مجرد نجاح الدعوة في العراق، حمل فضلاً عن
النجاحات المهمة التي تحققت على الصعيد العسكري، دلالات فكرية وسياسية كبيرة
الأهمية»([563]).
بلورت الاندفاع الديني، والوعي الجهادي،
بعيداً عن الأطماع والمرتبات الشخصية، فلم ينتظر المجاهدون عطاءً أو مكسباً مادياً
إزاء جهادهم، سواء كان ذلك لأنفسهم أو لزوجاتهم وأولادهم بعد شهادتهم. فكانت
استجابة نداء الجهاد نابعة من الدفاع عن الإسلام، وعن الدولة القائمة على إسم
الإسلام، باعتبارها الكيان السياسي للمسلمين - آنذاك - هذه الدولة التي بان ضعفها
أمام قوى الاستعمار المعتدية. يقول الدكتور عبد الله النفيسي: «وقد سألنا السيد
صكبان العوادي - وكان أبوه قد سقط شهيداً في معركة الشعيبة - عن المخاطر التي
يتعرض لها المحارب غير المجهز بالسلاح الحديث، وغير المدرّب على الحرب النظامية،
عندما يجابه جيشاً كالجيش الإنكليزي بسلاحه الحديث الفتاك، وإدارته المحكمة.
فأجاب: إننا لم نحجم ولم نتردد على الرغم من الفارق الذي تشير إليه، وأضاف.. أن
أباه يؤمن إيماناً راسخاً بالله تعالى، لا يقل رسوخاً عن إيمان الإنكليزي بماله
وأساطيله وقوته المادية.. إن أباه كان يؤثر دخول الجنة باستشهاده على ساحة المعركة
في حرب مقدسة فلا يستسلم للقوم الكفار»([564]).
وصحيح ان التضحيات بالأنفُس تؤثر على سير الحركة
الجهادية إلا أنها في الوقت ذاته، تولد عمقاً فكرياً متجذّراً، يصعب على العدو
انتشاله، وهذا ما يفسر اندفاع بريطانيا لتفعيل راية الجهاد الإسلامي على يد الشريف
حسين أثناء إعلان ثورته، وذلك لتحطيم الهيبة العثمانية، والقيمة الأساسية لحركة
الجهاد الإسلامي. ولكن بالرغم من أن بريق الثورة العربية بزعامة الشريف حسين لم
يترك وقعاً بليغاً في نفوس العراقيين، إلا أنّ توجه