النجاح([559])
ويذهب علي الوردي إلى فشل حركة الجهاد بقوله: «وربما صح القول إن دعوة الجهاد كانت
حركة فاشلة»([560]).
ولكن
الدكتور عبد الله النفيسي يرى «أن الجهاد نجح في تحقيق غايته، بدليل أن كل مجتهد التحق
بالمجاهدين أو اشترك معهم في ساحة القتال، لا لأن الأتراك كانوا يحاربون الإنكليز،
بل لأن علماء المسلمين كافة أفتوا بضرورة الجهاد في ذلك الظرف، وأمروا بأن ينضموا
إلى صفوف المحاربين»([561]).
ويبالغ أحد
الباحثين في نظرته غير الواقعية بقوله: «أما حركة الجهاد، فقد نجحت نجاحاً كبيراً،
بل إنه لولا (الجيش العثماني) لكان المجاهدون قادرون وحدهم على مقاومة الإنكليز»([562]).
وأمام هذه
التقييمات المتنوعة، لو ألقينا نظرة -عبر المنظار الموضوعي - للأحداث، وللوضع
التاريخي للعراق، لتوصلنا إلى حقيقة واضحة وهي، ان ركاماً تاريخياً متكلساً، قد
تساقط عن جسم الأمة الإسلامية في العراق، بواسطة هذه التجربة الميدانية التي ترجمت
الوعي الثقافي، والتراث الفكري في حالة جهادية ساخنة، نضجت خلالها الرؤى الثورية،
واعادت الثقة إلى النفوس بفريضة الجهاد، ووضعت الجميع - من القيادة إلى القاعدة -
في خطوة الانطلاقة الصحيحة بالمسار الصحيح. فجعلتهم يعيشون الثورة الحيّة دون
تردّدٍ أو تلكؤ. فهبّ الناس لاداء هذا الفرض المقدس، وانطلقت قوافل المجاهدين إلى
ساحات القتال لتسجل أروع صفحات التاريخ المشرق، وبالفعل زيّنتها بصور آلاف
الشهداءوالمجاهدين.
فإذن، في مجال التربية النفسية عاشت الأمة ترويضاً
فاعلاً، وميداناً تجريبياً حياً، نزفت فيه الدماء والدموع، والآهات والزفرات، ذاقت
خلالها حلاوة الجهاد والصبر والانضباط والشهادة، إلى جانب علمائها الكبار، مما
بلور لعموم الأمة، وعياً جهادياً عميقاً، يعتبر امتداداً حياً للتراث الجهادي
الكبير الذي تحمله بعزةٍ وفخار. ففي نظرنا، كانت هذه التجربة الحية بمثابة