الحيدري يحارب الإنكليز بنفسه، على شيخوخته وعظمته، وهو
الآن في الصفوف الأولى مع أنه لم يقبل من أموال الدولة قليلاً ولا كثيراً طيلة
عمره»([556]).
ومما يذكر
في مرحلة انسحاب العلماء والمجاهدين من الجبهة، كانت تواجههم -وخاصة كبار السن -
أخطار الغرق والموت، فمثلاً حينما «خرجوا من الماء قبيل المغرب، ومشوا قليلاً، رأى
السيد راضي أحد أبناء الإمام [الحيدري]، شيخاً تتقاذفه أمواج النهر، فألقى بنفسه
إلى الماء، واستنقذ الشيخ، فكان هو العلامة شيخ الشريعة، الذي كتب له فيما بعد أن
يقود ثورة العشرين ضد الإنكليز، بعد رحيل الإمام محمد تقي الشيرازي، وكان الشيخ
يلقب السيد راضي بعد هذه الحادثة، بمحي الشريعة»([557]).
والآن وقبل أن نختتم الفصل نتساءل، هل حققت حركة الجهاد
أهدافها المرجوّة؟ وكيف نقيّم هذه التجربة الجهادية في انطلاقتهاالأولى؟.
صحيح أن
الحسابات تختلف باختلاف المنطلقات الفكرية التي يستند عليها المحلّلون في نظرتهم
وتقييمهم، وقد تجد هذه الحسابات في التحليل السياسي مجالاً كبيراً للاعتقاد بأن
الشيعة بسطاء ومثاليون، ربطوا مصيرهم بمصير دولة منهزمة عسكرياً وسياسياً،
وبالنسبة إليهم بالذات أصبحوا مثلاً لمصادرة الرأي وقبول الاستبداد، وانهم عاطفيون
بدرجة كبيرة وقفوا إلى جانب دولة تحمل شعار الإسلام - فقط - أمام جيش غير مسلم.
وربما كان بإمكانهم أن يخدموا البلاد والعباد، في ظل حكم أجنبي أكثر مما هم عليه
في ظل حكم مستبد قاهر، إلاّ أن الروحَ الموضوعية تضعنا في إطار التقييم المنصف،
رغم الملابسات المتعددة في مجمل الأحداث، وذلك بعد عرض سريع لمجملالآراء.
فبعد تراجع
الإسلاميين في الشعيبة «أدرك (ولسن، نائب الحاكم المدني العام في العراق)، ان
الجهاد في العراق قد أخفق في تحقيق أغراضه»([558]).
بينما يرى
الدكتور عبد الله الفياض، إن حركة الجهاد حققت بعض