والعسكرية وعن
طريق البحث عن هذه القيم في التقاليد بدلاً من الاستعارة المباشرة من الغرب»([351]).
أما بالنسبة للملاحظات النقدية على الأطروحة الإصلاحية
فيمكن القول أنها عاشت الهمَّ الإقليمي والوطني والقومي - أحياناً - وذلك لظروف
موضوعية وذاتية ضاغطة - أكثر من الهمّ الإسلامي العام، ومن هنا أُدخل - فيما بعد -
المصلح الإسلامي العالِم الشاعر محمد سعيد الحبوبي، ضمن تصنيف القوميين العرب،
والأخوان محمد رضا ومحمد باقر الشبيبي وكذلك علي الشرقي وجعفر أبو التمّن([352]).
إن هذا التصنيف غير دقيق - في نظرنا - لما قدمناه، فمن الصعوبة بمكان أن نفهم لتلك
المرحلة في العراق توجهات قومية علمانية بحتة على الطريقة الأوروبية في التحرك
القومي. ومثل آخر على توجهات بعض الباحثين التي تبدو من المتشابهات غير النافعة
للبحث العلمي ما نلاحظه لدى الأستاذ الوردي، فانه حينما يتناول روّاد التجديد
والإصلاح يقدم نموذجين: أحدهما: الشاعر جميل صدقي الزهاوي في بغداد (1863-1936م)،
والآخر: العالم المصلح السيد هبة الدين الشهرستاني في النجف (1884-1967م)، ويعلل
اختلافهما بسبب اختلاف البيئة الاجتماعية والفكرية بين بغداد والنجف، فيقول: «كان
كلٌّ من الزهاوي والشهرستاني يسير في تجديده الفكري على طريقة تلائم البيئة
الاجتماعية التي عاش فيها، فالزهاوي كان شديد الإعجاب بالعلوم الحديثة، ويريد من
الدين أن يلحق بها ويتفق معها. أما الشهرستاني فكان على النقيض من ذلك، شديد
التمسك بالدين ويريد من العلوم الحديثة أن تلحق به وتواكبه وتتفق معه، ولهذا
رأيناه في جميع كتبه ومقالاته يحاول أن يبرهن للقراء أن الدين الإسلامي قد سبق
العلوم الحديثة بنظرياته، وأن تلك العلوم لم تأتِ بما يناقض الإسلام أبداً، أما
إذا ظهر بينهما شيء من التناقض فمردّ ذلك إلى سوء الفهم وقلة الإطلاع»([353]). بينما النظرة التقويمية للمنهجيْن تدعونا
إلى أن نعالج الموضوع بدقة أكثر، فهناك فرق جوهري بين المنهجين، إلا أن منهج
الاسترخاء لدى الأستاذ الوردي يجعله ينظر بضبابية قاتلة للظواهر، فلا يقترب إلى
العمق كي يضبط نبض المنطلقيْن الفكرييْن، فمن الظلم أن نعتمد الزهاوي كظاهرة تمثل
البيئة البغدادية، كما أنه من الظلم أن نعتبر الشهرستاني ظاهرة عامة في النجف، فمن