تيسير
سبل أداء فريضة الحج»([334]). وقد
عبرت المرجعية الدينية الشيعية في العراق عن مواقفها المبدئية في التحامها مع
السلطات العثمانية ضد التدخلات الأجنبية، ولقد أعلنت الجهاد المقدس في أكثر من
قضية اعتداء استعماري، - كما سنرى ذلك-. وفي الوقت ذاته كان العلماء الإصلاحيون
ينادون بضرورة الإصلاح الدستوري داخل الدولة العثمانية، ليتسنى لأطروحتهم أن ترى
النور، وبذلك تتحقق تطلعاتهم عبر معطيات واضحة على الأرض. فكانوا يطالبون بضرورة
تحكيم الشورى في الإدارة والحكم، بدلاً عن الحالة الفردية، نعم «كان المصلحون دعاة متحمسين للدستور، وأعربوا مراراً عن
رغبتهم في قيام حكم دستوري عادل يرأسه حاكم (إذا ما خان الدستور.. فأما أن يبقى
رأسه بلا تاج أو يبقى تاجه بلا رأس) وعزوا التقدم الأوروبي إلى غياب الحكم الفردي،
وأعلنوا أنه عندما تتنوّر الأمة بالعلم والمعرفة، يجب عليها أن تتحرر من الحكم
المطلق»([335]).
وبالفعل
كرّس الإصلاحيون جهودهم لتنقية مناهج الدراسات الإسلامية من الشوائب العالقة بها،
وكذلك للاستفادة من التطور العلمي الحديث، ففي الوقت الذي كانوا يدفعون باتجاه
تعليم الفنون العصرّية والعلوم الحديثة التي تشهدها المدنية الغربية، كانوا يشترطون
في هذه الانطلاقة، التحصن التام بالمبادئ الإسلامية الأصيلة، وذلك للتخلص من
التبعية الفكرية للغرب. فكانوا يحذرون المتعلمين من خطر الاستسلام أمام كل ما هو
غربي، والاقتصار على أخذ العلوم التطبيقية لغرض خدمة حياة المسلمين، وربما كانوا
يوجّهون شباب المسلمين نحو سياسة الهجوم الفكري بدلاً عن الدفاع الذي يعبر عن حالة
الضعف، وذلك لجدارة الفكر الإسلامي وهزيمة الحضارة المادية أمام تعاليم الإسلام
التربوية الخلقية والعقائدية([336]).
ومما لا شك فيه، أن البناء العقائدي المتين لشباب
الإسلام -آنذاك - كان يتطلب جهداً كبيراً لتحقيقه. لذلك قدمت المدرسة التجديدية
معالجات ميدانية في هذا الاتجاه عبر توجيه الثقافة الإسلامية المكثفة والمطعمة
بالعلوم الحديثة، سواء في تأسيس مدارس هادفة، أو إصدار صحف وكتب -كما مر معنا -
وكذلك تجديد وإصلاح المناهج الدراسية في المعاهد الإسلامية القائمة. على غرار دعوة
الشيخ محمد عبده في مصر، حيث كان