وبالإضافة إلى المدارس وحلقات التعليم، كان
للصحف والمجلات دور أساسي في تبيان الأفكار التجديدية، فقد أصدر السيد هبة الدين
الشهرستاني مجلة (العلم) عام (1910م،1328هـ) لتكون منبراً للأطروحة الإصلاحية في
العمل الإسلامي، وتعتبر أول مجلة فكرية باللغة العربية، ظهرت في النجف الأشرف تنادي
بالإصلاح والتجديد وتدعو إليهما بوضوح تام، ويعتبرها بعض الباحثين «أهم المجلات
التي صدرت في عهد الدستور»([314]).
وكانت تنطلق من فكرة جوهرية وهي أنه لا تناقض بين الإسلام والعلم([315]).
فنشرت في عددها الأول حديثاً مهماً تقول فيه: «إن
الإسلام مع العلم الصحيح فرسا رهان ورضيعا لبان لا يفترقا حيناً من الدهر..»([316]). ويحدد محررها السيد هبة الدين الشهرستاني
مهمة الصحافة فيقول في العدد ذاته: «أليست هي للأمة
عيناً مراقباً، ولساناً ناطقاً، وخطيباً صادقاً، ودرعاً واقياً، ومعلماً هادياً،
ومؤدباً ناجحاً، وصراطاً واضحاً، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، لا تحمي في
الباطل حميماً، ولا تهضم في الحق خصيماً..»([317]). وهكذا اتسع نفوذ مجلة (العلم) حتى أضحت «من
أشهر مجلات ذلك العصر، وقد بلغت من النضج والرصانة درجة لا يستهان بها»([318]). ومما يذكر أن السيد الشهرستاني ما انحصرت
مهمته بحلقات التدريس الحديث وبمجلة (العلم) فقط، بل واصل مهمته الإصلاحية عبر
الكتابة، فكان قد أصدر في هذا الاتجاه التجديدي كتاب (الهيئة والإسلام) عام
(1909م،1327هـ) الذي يعتبر كتاب المرحلة، فقد أظهر الأصالة الإسلامية بلغة عصرية
حديثة، فجمع بين العلوم العصرية والشريعة الإسلامية على سبيل التوافق والتكامل
محذراً من مغبة الإعجاب المطلق بالتقدم العلمي الحاصل في الغرب. ففي هذا الصدد
يقول: «إن الفلسفة المستحدثة والمبادئ العصرية
ستفعل بالناس ما فعلته القديمة لنقصٍ فيهم وفيها، إلا إذا تصدّى المحققون لإصلاح
فاسدها، ونهضوا لدفع هذه المفاسد ببذل الجهد البليغ في ترويج العقائد [الحقّة]
وتنقيحها مما علق بها أباطيل»([319]).
وقد برزت - أيضاً - جهود الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء،
في