الأول 1908م، وعرف فيما بعد بالمدرسة
الجعفرية([306]).
وقد «كانت المدرسة الجعفرية تعنى بها اللغة
الفرنسية والرياضيات والعلوم المدنية»([307]). وهكذا أُسست مدارس حديثة أخرى في عدة
مناطق، على غرار المدرسة الجعفرية، قد آعتنت بدراسة العلوم الحديثة واللغة
الأجنبية كالفرنسية والإنكليزية. وحظيت بتأييد العلماء المجتهدين أمثال: الآخوند
الخراساني، وشيخ الشريعة الأصفهاني والميرزا حسين الخليلي، والشيخ عبد الله
المازندراني، وقد أسست مدرستان أهليتان هما: المدرسة العلوية في النجف التي افتتحت
سنة (1326هـ-1908م)، والمدرسة المرتضوية([308]).
وكانت المدرسة العلوية -فضلاً عن مهمتها الثقافية - بمثابة نادي ثقافي وسياسي،
اتخذهُ المشتغلون بالحركة الدستورية الإيرانية مقراً لأعمالهم. وقد زودّت المدرسة
(المرتضوية) خاصة بقاعة للمطالعة([309]).
هذا، وكان لتأييد معظم العلماء والمراجع لفكرة تأسيس
المدارس الحديثة، أثره المتميز في دفع حركة التجديد والإصلاح إلى الأمام، وخاصة في
الأوساط التقليدية المحافظة فضلاً عن الأميين وعامة الناس، وقد لعبت الصحف دورها
في نشر هذه الآراء المستحدثة، بين الناس وخاصة في الأوساط المثقفة، فقد نشرت جريدة
(الرقيب) البغدادية في 5 نيسان عام 1909م، بياناً موقعاً من جعفر أبو التمن - أمين
صندوق المدرسة الجعفرية - تحت عنوان (جواب الاستفتاء من الجعفريّين) جاء فيه: «جواز
دخول أولاد الجعفرية إلى المكاتب لتعليم العلوم والمعارف والكمالات واللغات
المختلفة التي تمس الحاجة إلى تعلّمها وتقتضي الضرورة بعدم جهلها، مع التحفظ على
القواعد الإسلامية وعقائدهم مما لا ينكر ولا قائل بعدمه، ولذا فإنّ أساطين العلماء
الأعلام المجتهدين في النجف وكربلاء دفعاً للشبهة الواقعة في أذهان الجهلة قد
كتبوا لعموم الجعفرية يحثّونهم ويشّوقونهم إلى تأسيس وتشييد مكاتب كهذه، حاوية
للشروط المتقدمة.