هكذا عاشت
الساحة العراقية حالة من التفاعل مع هذه المدرسة الإصلاحية - التجديدية في
منطلقاتها الفكرية وتأثيراتها على الأوضاع العامة ومفاصل الحياة السياسية بالذات،
والتحكّم بها لضمان الخير والأمن والكرامة للعباد والبلاد. وبالفعل شهدت الساحة
العراقية تعاطياً ناضجاً مع مستجدات الأحداث من قبل العلماء المتصدين، دعاة
التجديد والإصلاح، وكان من أبرزهم، العالِم المجاهد السيد محمد سعيد الحبوبي
(1266-1333هـ،1849-1915م)، والعلامة هبة الدين الشهرستاني (1884-1967م) والمجتهد
الشيخ محمد حسين النائيني (1273-1355هـ)، (1860-1936م) والشاعر عبد المحسن الكاظمي
(1870-1935م)، والأستاذ جعفر أبو التمن (1881-1945م) وغيرهم. وقد باشروا بمشاريعهم
الثقافية، التي تعتبر البداية الأساسية في طريق الإصلاح، والدعامة الرئيسية لعملية
التجديد. وكان للسيد محمد سعيد الحبوبي وهو «عالم
متجدّد من علماء الشيعة»([303]).
الدور
الأهم في إنجاح مشروع فتح المدارس الحديثة في أوساط الشيعة في العراق حيث «كان
لنفوذ الحبّوبي الروحي أثر كبير في إقناع المعارضين لفكرة التجديد من أبناء
الجعفرية»([304]).
وبهذا «فقد استطاع أن
يعطي لحركة التجديد دفعةً قوية، وقد قويت هذه الحركة في مجال التعليم الحديث»([305]). وبالإضافة إلى السيد الحبوبي، برز علي
البازركان وجعفر أبو التمن، ومهدي الخياط، في تأسيس أول مدرسة حديثة عام 1908م،
وقد استطاعت هذه المبادرة أن تحطم الطوق أمام أبناء الطائفة لخوض الميادين العلمية
الحديثة، وقد تم افتتاح (مكتب الترقي الجعفري العثماني)، ببغداد في 17 ذي القعدة
1326هـ، الموافق 12 كانون