متسلسلة،
كانت مادة غنية للإسلاميين للرد عليها شرعياً وعلمياً. ومن خلال هذا التوجه كان
يتم الحذر من أمثال هذه النظريات الهدّامة وذلك لأنها تستهدف العقيدة الإسلامية،
وبالتالي تثير الشكوك والتردد في أصل الوجود وخالق الكون. وقد ردّ على تلك
المقالات الشيخ آغا رضا الأصفهاني، والشيخ محمد جواد البلاغي «وألفوا
في ذلك كتباً ضخمة بأسلوبهم الجدلي، حتى أنها وصلت إلى الشميل نفسه»([282]). هذا وقد تأثر العراق بدرجة مهمة بالهند
وإيران وتركيا جراء اتصالاته التقليدية بها، بالإضافة إلى مصر ولبنان وسورية
والبلاد العربية الأخرى. فكان لصحف إيران التأثير البالغ على المسلمين الشيعة -
بوجه خاص - وكذلك صحف الهند بدرجة أقل. ومن أبرز الصحف الإيرانية التي كان يتمّ
تداولها في الساحة العراقية - لاسيما في الحوزات الدينية والمدن المقدسة - هي:
مجلة (بهار) الطهرانية، وجريدة (كرمنشاه) التي كانت تصدر في مدينة كرمنشاه وجريدة
(جمالية) الهمدانية([283]).
وكذلك جريدة (القانون) التي كانت تطبع في لندن باللغة الفارسية، حيث «كانت..
ترسل إلى العراق أيضاً. وكان لها قراؤها والمتأثرون بها فيه. فقد كان في العراق
كثيرون يعرفون الفارسية خاصة بين طلبة الدين وعلمائه في العتبات المقدسة، ومن
الممكن القول أن هذه الجريدة مهّدت الجو لحركة (المشروطية) التي حدثت فيما بعد»([284]). أما صحف مصر وسوريا فكانت شاملة التأثير
على الساحة العراقية في بداية هذا القرن، مثل (العروة الوثقى) و(المقطّم)
و(الهلال) المصرية. و(العرفان) و(المقتبس) الشاميتين، فقد كانت هذه الصحف معروفة
في العراق، وإن كان التأثير مقتصراً على الطبقة المثقفة، إلا أن دورها الحركي والسياسي
ما كان ضئيلاً على كافة المسلمين سنة وشيعة([285])،
فقد كان الاتجاه التجديدي لدى علماء ومثقفي
المسلمين السنة كذلك متأثراً بالأفكار الإصلاحية التي نادت بها (العروة الوثقى)،
وهنا يذكر الأستاذ الوردي على سبيل المثال «أن سليمان الكيلاني وهو أحد نقباء الكيلانيين، ومفتي بغداد،
الذي كان مشتركاً في (العروة الوثقى)، كان يقول: كلما وصله عدد منها واطلع عليه:
أن تأثير هذا العدد من الجريدة يوشك أن يوقع ثورة قبل مجيء العدد الذي يليه»([286]).