ضرورة أنَّ كلّ
حركة مشخّصة([317]) مسبوقة بأخرى لا إلى نهاية([318]), وكذا الأوضاع المعيّنة التابعة لها, وأمّا
مطلق الحركة والوضع فقديم أيضاً؛ لأنَّ حركات الأفلاك مستمرة من الأزل إلى الأبد,
بلا سكون أصلاً. وأمّا العنصريات فقديمة بموادها شخصاً, وبصورها الجسمية نوعاً([319]), وبصورها النوعية جنساً([320]). وذهب من تقدّم أرسطو من الحكماء: إلى أنّها
قديمة بذاتها, محدثة بصفاتها([321]). وتوقف جالينوس([322]) في ذلك, ويحكى عنه أنّه قال ـ في مرضه الذي
توفي فيه ـ لبعض تلامذته: اُكتب عنّي, إنّي ما علمت أنّ العالم قديم أو محدث([323]), وأنَّ النفس الناطقة هي المزاج أو غيره([324]). وقد طعن فيه أقرانه بذلك, حين أراد
[322] جالينوس: ولد جالينوس بعد زمان المسيح بتسع وخمسين سنة على ما
أرّخه إسحاق. وقال المسعودي: كان جالينوس بعد المسيح بنحو مائتي سنة, وعاش سبعاً
وثمانين سنة. كان مولده ومنشأه بفرغامس, وهي مدينة صغيرة من جملة مدائن آسيا شرقي
قسطنطينية, وذكروا أنّ الأصل في اسم جالينوس غالينوس, ومعناه الساكن أو الهاديء
وقيل: إنَّ ترجمة اسم جالينوس معناه بالعربي: الفاضل. كان لا يدانيه أحد في صناعة
الطب, ولجالينوس من المصنّفات كتب كثيرة جداً. اُنظر: عيون الأنباء في طبقات
الأطباء لابن أبي أصيبعة:95ـ96.
[323] اُنظر: تهافت الفلاسفة للغزالي:22, مسألة في ابطال قولهم بقدم
العالم.
[324]
سيأتي هذا البحث في فصل المعاد في بيان حقيقة النفس الإنسانية صفحة 255
ولمزيد الإطلاع راجع: الأسرار الخفية في العلوم العقلية للعلّامة الحلّي:369,
المقالة السادسة, المبحث الثاني, في ماهيّة النفس.