لا نسلِّم أنّهما لو كانا بعد الإتحاد موجودين لكانا إثنين,
وإنّما يكونان كذلك لو لم يكن كلّ منهما موجوداً, متحداً بالموجود الآخر, وهو
ممنوع([273]), وإذا كان الإتّحاد في نفسه محالاً فلا
يتّحد الواجب بشيء,
وما ذهب إليه طائفة من العوام المتألهة المتصوفة: أنَّ عارف إذا انتهى مراتبه
انتفى هويته([274]), وصار الموجود هو الله تعالى وحده, وهذه
المرتبة هي الفناء في التوحيد([275]).
فإن أرادوا
بالإتحاد المعنى المذكور فقد تبيّن بطلانه([276]), وإن أرادوا معنىً آخر, فالتصديق بنفيه أو
إثباته يتوقف على تصوّره.
تبصرة: في تحقيق معنى اللذّة والألم([277]), وفي أنّهما هل يثبتان للواجب
تعالى أو لا؟.
فنقول:
اللذّة إدراك ونَيل لوصول ما هو كمال وخير عند المُدرِكْ, من حيث هو كمال وخير([278]). وإنّما لم يقتصر على الإدراك؛ لأنَّ إدراك
الشيء قد يكون
[273]
اُنظر: شرح المواقف للجرجاني:4/64, المرصد الرابع,المقصد الثامن, الاثنان لا
يتّحدان.
[275]
في ث: (الفناء في الله عز وجل). اُنظر: ارشاد
الطالبين للمقداد السيوري:238, مباحث التوحيد, الدليل على نفي الاتّحاد. تلخيص
المحصل لنصير الدين الطوسي:260, الركن الثالث في الإلهيات, القسم الثاني في
الصفات, مسألة: الله تعالى لا يتّحد بغيره.
[276]
قوله: (فإن أرادوا بالإتحاد المعنى المذكور فقد تبيّن بطلانه) لم يرد في ث.
[277]
في حاشية ح: وتصوّرها بديهي كسائر الوجدانيات, وقد
يفسّر ان قصداً إلى تعيين المسمّى وتلخيصه. شرح المقاصد للتفتازاني:2/364, الفصل
الثالث, القسم الثاني, المبحث الثالث, اللذة والألم.
[278]
الاشارات والتنبيهات لابن سينا:343, علم الطبيعة وما قبله, النمط الثامن: في
البهجة والسعادة, الفصل الثالث في تعريف اللذّة والألم.