أجزائه ـ وآحاده غيره([195]), وكلّ محتاج ـ في نفس
الأمر ـ إلى الغير ممكن. لا يقال: لا نسلّم أنَّ المحتاج إلى الغير مطلقاً ممكن,
بل المحتاج إلى العلّة هو الممكن, ولو سُلّم فجميع أجزاء الشيء عين ذاته لا غيره,
فالإحتياج إليها لا يستلزم الإمكان؛ لأنـّا نقول: لاشكَّ أنَّ المركّب يحتاج إلى جزئه,
فيكون جزؤه علّة له؛ لأنَّ المراد بالعلّة: ما يتوقف عليه وجود الشيء([196]), سواءً كان كافياً في
وجوده([197]) أو لا([198])، وجميع أجزاء الشيء
وإن كانت عين ذاته, لكن كلّ واحد من أجزائه ليس عين ذاته, بل غيره, فلا يكون ذاته
من دون ملاحظة الغير ـ الذي هو كلّ واحد من أجزائه ـ كافياً في وجوده, فلا يكون
واجباً. فإن قلت: هذا إنـّما يدلّ على نفي التركيب في الخارج([199]), فجاز أن يكون واجب
الوجود مركباً في الذهن من الجنس والفصل.
قلت:
الواجب لا يشارك شيئاً من الأشياء في ماهيته([200])؛ لأنَّ كل ماهية لـمّا
[195] قال الحبلرودي: لكونها متقدّمة عليه, وعللاً ناقصة له, والمتقدّم
غير المتأخر, والعلّة غير المعلول بالضرورة. (حاشية ح).
[196] اُنظر: إلهيات المحاكمات للرازي:37, النمط الرابع, قوله: واعترض
بعض المعترضين.
[199] في حاشية ح: لأنّ التركيب
الذهني يوجب الإحتياج في الذهن, والإحتياج في الذهن لا يوجب الإمكان.
[200]
اُنظر: إلهيات المحاكمات للرازي:89, النمط الرابع, قوله: يريد نفي التركيب بحسب
الماهية. المحاكمات بين شرحي الإشارات للرازي:3/62, النمط الرابع, في الوجود
وعلله.
في حاشية ح:
أي حتى يكون جزؤها المشترك جنساً, وجزؤها المميز فصلاً, كالحيوان الناطق بالنسبة
إلى الإنسان, فلا يكون له تركيب ذهني ـ أيضاً ـ.