أجله
حينئذٍ لا غير، وعدم الصدقة لا يبلغ إلى ذلك الحد, فيموت دونه فهو أجله، وعلى كلّ
تقدير فللعبد أجل واحد([1198]), فاعلم ذلك.
ولـمّا وفى المصنِّف بما وعد, ختم الرسالة
بنصيحة نافعة؛ ليكون داعياً إلى سبيل الرب بالموعظة الحسنة، بعدما دعا بالحكمة
والمجادلة، فقال: ختمٌ ونصيحة، حيث فرغنا ووفينا([1199])
بما وعدنا به([1200]) في صدر الكتاب, من إثبات واجب الوجود
وصفاته, وما يترتب عليها من النبوة, والإمامة, والمعاد, فلنقطع
الكلام على نصيحة: وهي أنَّ من ينظر بعينعقله, ويتفكّر بقوة بصيرته في
خلقه ـ أي في خلق
نفسه ـ وشاهد هذه الحِكَمْ المودعة في بنيته, ممّا امتلأ من قطراتها مجلّدات علم التشريح,
يجب عليه أن يعرف أنَّ الخالق عزَّ وجل لم يخلق هذه المخلوقات
عبثاً، كما قال: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ
عَبَثًا) ([1201]) وإذا لم يكن عبثاً([1202]) كان لغرض لا محالة, فيجب عليه معرفة غرض([1203])الخالق
من خلقه ، ويعلم
أنَّ ذلك الغرض عائد إليه, وذلك بفضله وكرمه, ولا
يضيّعه ـ أي ذلك
الغرض ـ بتفريطه وجهله، بل يهتمّ بتحصيله ما استطاع، فإنْ سمع ما
ذكرناه
[1198]
اُنظر: الذخيرة في علم الكلام للشريف المرتضى:262, الكلام في الآجال. التعليق في
علم الكلام للمقري النيسابوري:163ـ164, المعاد, مسألة في الآجال.