عليه([1178])، والأشاعرة لـمّا أسندوا جميع الكائنات إليه
تعالى, لم يتحاشوا عن التزام ذلك, وربّما استدلّوا على كون الحرام رزقاً, بأنّه لو
لم يكن رزقاً لكان الإنسان الذي انتفع بالحرام من أول عمره إلى آخره يتعيّش بلا
رزق, وهو باطل؛ لأنَّ رزق كلّ حيوان مخلوق قبله
أو معه, على ما ورد في الأخبار، فإذا كان رزق هذا الإنسان([1179]) مخلوقاً, مع أنّه لم يتناوله, كان خلقه
عبثاً.
قلنا: هذا
منقوض بمن ولد ولم يتناول شيئاً ومات, فما هو جوابهم فهو جوابنا، على أنّهم قالوا:
أفعال الله تعالى لا تعلّل بالأغراض، فجاز أن يكون خلق([1180]) رزق هذا الإنسان لا لغرض تناوله.
والتحقيق: أنَّ خلق رزقه لغرض صحيح, وهو انتفاع
العبد به, لكنّه
بسوء اختياره أعرض عنه, فلا اعتراض على الخالق، بل هو لقطع الحجّة عن العبد في
تناول الحرام, لئلّا يعتذر يوم القيامة بعدم الرزق. والرازق ـ عند المعتزلة ـ:
فيما حصل للعبد من غير تعب, وتجشّم عمل منه, هو الله تعالى, وما أتاه بنصب وتعب([1181]) منه, فالعبد هو الرازق لنفسه([1182])، ولهذا ورد (وَاللَّهُ
خَيْرُ
[1178] إشارة إلى حديث الإمام الصادق عليه السلام مع محمد بن عجلان: ...فقال: الله أعدل من أن يجبر عبداً على فعل
ثمّ يعذّبه عليه.
التوحيد للصدوق:351, باب نفي الجبر والتفويض.
[1179] في ص: (رزق هذا الحيوان) وما في ح
موافق للمتن ولكن بدون كلمة (رزق).