فنقول: التوبة ـ في اللغة ـ: الرجوع، قال
الله تعالى: (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا) ([1168]) أي رجع([1169]) عليهم بالتفضّل والإنعام؛ ليرجعوا إلى الطاعة
والإنقياد([1170]). وفي الشرع: الندم على المعصية من حيث هي
معصية, مع عزم أن لا يعود إليها, إذا قدر عليها([1171])، فقولنا: على معصية؛ لأنَّ الندم على فعل لا
يكون معصية بل مباحاً أو طاعة لا يسمّى توبة، وقولنا: من حيث هي معصية؛ لأنَّ من
ندم على شرب الخمر لـمّا فيه من الصداع, وخفة العقل, ونقصان المال والعِرض, لم يكن
تائباً، وقولنا: مع عزم أن لا يعود, زيادة تقدير لـمّا ذكرنا؛ لأنَّ النادم على
أمر لا يكون إلاّ كذلك؛ ولذلك ورد في الحديث: الندم
توبة([1172]) وقولنا: إذا قدر, ظرف للترك المستفاد من
قولنا: لا يعود، وإنَّما قيّدنا به؛ لأنَّ العزم على ترك الفعل في وقت, إنَّما
يتصور ممّن قدر على ذلك الفعل وتَركَهُ في ذلك الوقت، ففائدة هذا القيد: أنَّ
العزم على الترك ليس مطلقاً؛ حتى لا يتصور ممّن سلب قدرته وانقطع طمعه عن الزنا
مثلاً، بل هو مقيّد بكونه على تقدير فرض القدرة وثبوتها، فيتصور ذلك العزم من
مسلوب القدرة أيضاً.
ثم التوبة
إن كانت عن ذنب يتعلّق بحقّ الله تعالى, فإن كانت عن فعل قبيح,