هداية: إلى إثبات شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه
وآله وسلم.
إتّفق المسلمون على ثبوت الشفاعة([1113]) له صلى الله عليه وآله وسلم؛ لقوله تعالى: (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) ([1114]) وفُسّر بالشفاعة. فنقول: شفاعة
محمّد صلى الله عليه وآله وسلم لأهل الكبائر الذين ماتوا من غير توبة ثابتة؛ لإسقاط العقاب عنهم؛ لقوله صلى الله عليه
وآله وسلم:إدّخرتُ شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي([1115])ولأنَّ
من جوَّز العفو لهم
ـ أي لأهل الكبائر المذكورين ـ جوَّز الشفاعة
لهم, ومن لم يجوِّز
العفو لهم ـ كالمعتزلة ـ لم يجوّز الشفاعة؛ لامتناع العفو, فتقع الشفاعة
لغواً. ولمّا بطل المذهب الثاني
ـ وهو عدم تجويز
العفو عن الكبائر ـ من غير التوبة, بطل ما يترتّب
عليه من نفي الشفاعة([1116]), وثبت المذهب الأول, الدالّ على ثبوت الشفاعة؛ ولقوله تعالى: (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) ([1117]) أي لذنب المؤمنين؛ بقرينة ذكره سابقاً،
وصاحب الكبيرة مؤمن ـ كما سيأتي ـ وطلب المغفرة لذنب المؤمن شفاعة له في إسقاط
العقاب عنه([1118]). وقالت المعتزلة: الشفاعة إنَّما هي لزيادة
الثواب للمؤمنين المستحقين للثواب, لا
[1113]
الشفاعة: طلب رفع المضار عن الغير, ممّن هو أعلى رتبة منه؛ لأجل طلبه. رسائل
المرتضى:2/273, رسالة الحدود والحقائق.