ومنْعُهُ سمعاً([1079]). وذهب المرجئة([1080]) إلى: أنّه عفوٌّ عن
الصغائر والكبائر مطلقاً، زعماً منهم أنَّ الإيمان يحبط الزلّات, فلا عقاب على
زلّة مع الإيمان، كما لا ثواب لطاعة مع الكفر([1081]). وذهب جمهور المتكلّمين
إلى: جواز العفو عن الكبائر قبل التوبة ـ أيضاً ـ فإن عفا فبفضله, وإن عاقب فبعدله([1082])، واختاره المصنِّف؛ لأنّه تعالى وعده ـ أي المكلّف ـ به ـ أي بالعفو ـ حيث قال: (لَا
تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) ([1083]) ولأنَّ العقاب ضرر على
المكلَّف, ولا ضرر على الله تعالى في تركه, وكلّ من كان([1084]) كذلك, فإسقاطه حسن،
وكلّ ما هو حسن فهو واقع، وإلى هذا أشار المصنِّف بقوله: مع حسنه
[1079] أنظر: كتاب الفائق في أصول الدين للخوارزمي:434, الكلام في الوعد
والوعيد, باب القول في وجوب التوبة.
[1080] المرجئة: الإرجاء على معنيين: أحدهما: بمعنى التأخير والثاني:
إعطاء الرجاء, أمّا إطلاق إسم المرجئة على الجماعة بالمعنى الأول فصحيح؛ لأنَّهم
كانوا يؤخّرون العمل عن النية والعقد, وأمّا بالمعنى الثاني فظاهر, فإنَّهم كانوا
يقولون: لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر الطاعة. والمرجئة أربعة
أصناف: مرجئة الخوارج, ومرجئة القدرية, ومرجئة الجبرية, والمرجئة الخالصة. ومن
فرقهم: اليونسية, العبيدية, الغسّانية, الثوبانية, التومنية, الصالحية. الملل
والنحل للشهرستاني:60.
[1081] أنظر: مقالات الاسلاميين للأشعري:150ـ151, مقالات المرجئة,
اختلافهم في الصغائر والكبائر, الفائق في أصول الدين للخوارزمي:421, الكلام في
الوعيد, باب في تكفير الصغائر بالطاعات.
[1082]أنظر: الذخيرة للشريف المرتضى:504, باب الكلام في الوعيد السمعي.