الثاني: قوله تعالى حكاية: (رَبَّنَا
أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) ([1008]) والمراد من الإماتة: قبل مزار القبور، ثمّ الإحياء
في القبر، ثمّ الإماتة فيه، ثمّ الإحياء في الحشر([1009]), وهو المستفيض بين أصحاب التفسير، قالوا:
والغرض بذكر الإحيائين أنّهم عرفوا فيهما([1010]) قدرة الله تعالى على البعث؛ ولهذا قالوا: (فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا) ([1011]) أي الذنوب التي حصلت بسبب إنكار الحشر،
وإنـَّما لم يذكروا الإحياء في الدنيا؛ لأنّهم لم يكونوا معترفين بذنوبهم في هذا
الإحياء([1012]). وذهب بعضهم إلى أنَّ المراد بالإماتتين ما
ذُكر، وبالإحيائين: الإحياء في الدنّيا([1013]) والقبر؛ لأنَّ مقصودهم ذكر الأمور الماضية،
وأمّا الحياة الثالثة ـ أعني حياة الحشر ـ فهم([1014]) فيها, فلا حاجة إلى ذكرها، وعلى التفسيرين([1015]) ثبت الإحياء في القبر. ومن قال بالإحياء,
قال بالمساءلة والعذاب ـ أيضاً ـ فثبت أنَّ الكلَّ حق. والأحاديث الدالّة عليه
أكثر من أن تحصى، مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: استنزهوا
من البول؛ فإنّ عامّة عذاب القبر من البول([1016]) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم ـ في