ما نطق به الكتاب، وإذا كانت الجنّة مخلوقة,
فكذا النار؛ لعدم القائل بالفصل.
الثاني:
قوله تعالى ـ في صفتهما ـ: (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) ([987]) (أُعِدَّتْ
لِلْكَافِرِينَ) ([988]) بلفظ الماضي, وهو صريح في وجودهما. ومن
تتبّع الأحاديث وجد فيها أدلّة كثيرة دالّة على وجودهما([989])، وزعم عبّاد: أنّه يستحيل ـ في العقل ـ
خلقهما قبل حلول المكلّفين فيهما، وخالفه أبو هاشم وقال: خلقهما الآن غير ممتنع
عقلاً، واستفيد امتناعه من السمع([990]), مثل قوله تعالى: (أُكُلُهَا
دَائِمٌ) ([991]) فلو كانتا مخلوقتين لوجب هلاكهما، لقوله
تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ([992]) فلا يكون
الأُكل دائماً. والجواب: إنَّ المراد بالأُكل المأكول, باتّفاق المفسّرين, وذلك
غير دائم ضرورة فنائه عند أكل أهل الجنة، فإذن دوام الأكل محمول علىتجدّده, فيجوز أن يفنى ويتجدّد,
وأيضاً لا نسلِّم أنَّ المراد بقوله: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ)([993]) العموم، فإنَّ ابن عباس قال في تفسيره: كلّ
حيّ ميت([994]).
واعلم أنّه لم يرد نصٌ صريح في تعيين مكان الجنّة والنار، والأكثر على أنَّ