وهو ـ أي حشر الأجساد ـ موافق
للمصلحة الكلّية،
وهي: استيفاء اللذّة والألم بنوعيهما ـ أعني الحسّي والعقلي ـ لأنّه كمال الجزاء، فيكون حشر الأجساد بسبب إخبار الأنبياء عليهم
السلام حقّاً يجب التصديق به؛ لعصمتهم وصدقهم في أقوالهم.
قال الإمام
الرازي: وأمّا القائلون بالمعاد الروحاني والجسماني معاً, فقد أرادوا أن يجمعوا
بين الحكمة والشريعة، فقالوا: دلَّ العقل على أنَّ سعادة الأرواح بمعرفة الله
تعالى ومحبّته، وأنَّ سعادة الأجساد في إدراك المحسوسات، والجمع بين هاتين([980]) السعادتين في هذه الحياة غير ممكن؛ لأنَّ
الإنسان مع استغراقه في تجلّي أنوار عالم الغيب لا يمكنه الإلتفات إلى شيء من
اللّذات الجسمانية، ومع استيفاء هذه اللّذات لا يمكنه أن يلتفت إلى اللذّات([981]) الروحانية، وإنـَّما تعذّر هذا الجمع؛ لكون
الأرواح البشرية ضعيفة في هذا العالم، فإذا فارقت بالموت, واستمدّت عن عالم القدس
والطهارة, قويت وكمُلت، فإذا أُعيدت إلى الأبدان مرّة ثانية, كانت قويّة قادرة على
الجمع بين الأمرين، ولا شبهة في أنَّ هذه الحالة هي الغاية القصوى من مراتب
السعادات([982]).