حشر الأجساد, فأوََّلوا الهلاك فيما
ورد إعادته بتفرّق الأجزاء، ويؤيّده قصة ابراهيم عليه السلام, فإنّه سأل من الله
إحياء الموتى, والله تعالى أجابه: بجمع الأجزاء المتفرّقة، وكذا قوله تعالى: (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى) ([956]) أي: نجمعها, وإلى هذا
أشار المصنِّف بقوله: جمع أجزاء بدن الميت سواء كان مكلّفاً أو لا كالوحوش, وتأليفها ـ أي تأليف تلك الأجزاء المتفرقة ـ
مثل ما كان أولاً, من الهيئة
والصورة لا عينه؛ لاستحالة إعادة المعدوم, وإعادة روحه ـ يعني نفسه الناطقة ـ المدبّرة إياه إليه ـ أي إلى ذلك البدن ـ يسمّى: حشر الأجساد. والحاصل: إنَّ الله تعالى يجمع
الأجزاء المتفرّقة لذلك البدن, ويؤلّفها تأليفاً, مثل الأول لا عينه؛ لامتناع
إعادة المعدوم([957]), فيعيد إليه نفسه,
ويؤيّده ما ورد من النصوص: إنَّ أهل الجنّة جرد مرد ([958]) وإنَّ ضرس الكافر مثل جبل أُحُد([959]) وكذا قوله تعالى: (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا
[957] إنّ المشهور بين أغلب علماء المسلمين بصورة عامّة, وعقائد مذهب
الإمامية خاصّة, أنَّ الأجساد التي هي في هذه الدنيا هي نفسها تعاد وتُنشر في
المعاد أو يوم النشور. اُنظر: تفسير الامام العسكري عليه السلام: 528, البقرة/
111ـ112. الذخيرة في علم الكلام للشريف المرتضى:152ـ153, باب الكلام في الإعادة,
فصل في ذكر ما يجب إعادته ولا يجب وكيفية الإعادة, التبيان في تفسير القرآن للطوسي:
4/497, النساء/56.
[958] الإختصاص للشيخ المفيد:358, كتاب صفة الجنّة والنار.
[959] اُنظر: بحار الأنوار للمجلسي:7/53, كتاب العدل والمعاد, باب 3 في
إثبات الحشر. مسند أحمد بن حنبل:2/328.