لا يقال البدن في الآخرة أيضاً مركّب من
العناصر، وما ذكرتم في بيان كون([938]) الموت ضرورياً للإنسان جارٍ فيها أيضاً،
لأنـَّا نقول: الفاعل المختار يديم الحياة فيها, ولا يدع الحرارة تنفي الرطوبة
بالكلّية بخلق بدل ما يتحلّل، ولايفعل ذلك في هذا العالم؛ لأنّها دار التكليف,
فلابدّ من انقطاعها؛ ليمكن إيفاء حقّ كلّ نفس بحسب استحقاقها.
مقدّمة: في بيان حقيقة النفس الإنسانية.
إعلم أنـَّا نعلم بالضرورة أنَّ هاهنا شيئاً يشير إليه كلّ أحد بقوله: أنا، إلّا
أنَّ العقلاء اختلفوا في أنَّ ذلك الشيء ما هو؟ أَجسمٌ أو جسمانيّ أو لا جسم ولا
جسمانيّ؟.
قال
الحكماء: النفس الإنسانية جوهر مجرّد, ليست جسماً ولا جسمانيّة([939]), بل هي لإمكانية تعلّقها بالبدن, تعلّق
التدبير والتصرّف, من غير أن تكون داخلة فيه بالجزئية أو الحلول([940]). ووافقهم على ذلك من المسلمين, الغزالي([941]), والراغب ـ من المعتزلة ـ وجمع من الصوفية,
وبعض متأخّري الإمامية([942])،