إعلم أنَّ لطف الإمامة ذو شعب، فمنه ما يختصّ
بالله تعالى، كجمع الشرائط التي تجب للإمام, كالعلم, والشجاعة, والعصمة, وغيرها
ممّا لابدَّ منه في الإمامة في شخص([915]), وإعلام المكلَّف بذلك، ومنه ما يختصّ
بالإمام, كتبليغ الأحكام, وحلّ غوامض الشريعة, وغير ذلك ممّا يتعلّق بمنصب الإمامة
ومنه ما يختصّ بالمكلّف, وهو الإنقياد لأوامره, والمعاضدة له، فلو أخلَّ الله بما
يختصّ به, كان مخلاً بما يجب عليه تعالى في الحكمة، وحيث بذل ما وجب عليه, وجب على
المكلَّف ما يختصّ به ـ أعني قبول أوامره ـ فإذا لم يقبل كان فوات فوائد الإمامة
لسوء اختياره، وإليه أشار بقوله: سبب حرمان الخلق
عن حضور إمام
الزمان ليس من الله, لأنّه([916])لا
يخالف مقتضى حكمته,
فإنَّ حكمته اقتضت نصب الإمام للناس ـ على ما سبق تحقيقه ـ فلا يخالف ذلك. ولا
من الإمام؛ لثبوت عصمته، فلا يترك بالإختيار ما يجب عليه من إرشاد الخلق إلى طريق الطاعات, وحلّ
ما خفي عليهم من غوامض الشريعة، فيكون سبب الحرمان من
[913]
أورده الشيخ الصدوق في الامالي:450, وعيون أخبار الرضا عليه السلام:1/9, والشيخ
المفيد في النكت الاعتقادية:41.