يلزم الترجيح
بلا مرجِّح، وحينئذٍ لو كان في الحكم المنسوخ مصلحة لا يعلم فواتها بنسخِه فلذلك
نَسخهُ فيلزم الجهل، وإن علمها فرأى رعايتها أولاً, ثمّ أهملها بلا سبب ثانياً,
فيلزم الندم عمّا كان يفعل, وهو البداء([864]). والجواب: إنَّ المصالح تختلف بحسب الأوقات([865]), كشرب الدواء النافع في وقت دون وقت، فربّما
كانت المصلحة في وقت ثبوت الحكم, وفي آخر ارتفاعه, فيصحّ النسخ، وإلى هذا أشار
المصنّف([866]) بقوله: فشريعته
التي هي ناسخة للشرائع كلّها على رغم أنف اليهود, باقية ببقاء
الدنيا([867])؛ لأنّه خاتم الأنبياء، لـمّا علم من دينه
ضرورة، ولقوله تعالى: (وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) ([868]) ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا نبيّ بعدي([869]) وإذ لا نبيّ بعده لا شريعة ترفع دينه, فيلزم
أن يكون باقياً؛ لامتناع خلو
[864] البداء: هو الأمر بالفعل الواحد بعد النهي عنه, أو النهي عنه بعد
الأمر به, مع اتحاد الوقت والوجه والأمر والمأمور. رسائل المرتضى, الحدود
والحقائق:264, وانظر: الحدود لقطب الدين النيسابوري:54, الفصل الثالث.
[865] قال الحبلرودي: والأشخاص, فالشيء قد يكون حسناً لتحقّق مصلحة في
وقتٍ بالنسبة إلى قوم, دون وقت آخر وقوم آخرين, ومثل هذا غير ممتنع. (حاشية ح).