الكعبة, تحدّياً لمعارضتها، وكتب السِيَر
تشهد بذلك، وإلى الآن لم يقدر أحد من الفصحاء على
تركيب كلمات على منواله، ومن اشتغل بالمعارضة لم يأتِ إلّا بما هو ضحكة للعقلاء, كقول مسيلمة
الكذّاب ـ في معارضته([848]) ـ: والنازعات نزعا([849]), والزارعات زرعا, فالحاصدات حصدا, والطابخات
طبخا, فالآكلات أكلا([850]). وغير ذلك من خرافاته، فعلم أنَّ القرآن
ممّا عجز الفصحاء عن معارضته، فيكون معجزاً([851])، فيكون محمّد صلى الله عليه وآله وسلم نبيّاً
حقاً؛ لإظهاره ذلك المعجز.
واختلف في وجه إعجاز القرآن، فقيل: هو ما اشتمل عليه من النظم الغريب,
المخالف لنظم العرب ونثرهم, في مطالعه ومقاطعه وفواصله([852]), وعليه بعض المعتزلة.
وقيل: كونه في الدرجة العالية من البلاغة التي لم يعهد مثلها في تراكيبهم, وتقاصر
عنها بلاغتهم, وعليه الجاحظ وأهل العربية. وقال القاضي الباقلاني: هو مجموع
الأمرين, أعني غرابة النظم, وكونه في الدرجة العالية من البلاغة. وقيل: هو إخباره
عن الغيب([853]). وقيل: لسلامته عن
التناقض. وقيل: بالصرفة، فقال أبو إسحاق الإسفرائيني