والتحدّي ـ
في اللغة ـ: المنازعة والمماراة([837])، واحترز به عن الكرامات([838])؛ لعدم اقتران التحدّي فيها, لخلوّها عن دعوى
النبوة، حتى لو ادّعى النبوة صار عدواً لله لا يستحقّ الكرامة، بل اللعنة
والإهانة. موافق لدعواه؛ إذ لو لم يوافق الدعوى لم يكن طريق إلى تصديقه، واحترز به عن الفعل
الخارق الذي لا يطابق الدعوى, كما في قضية مسيلمة, وعمّ إبراهيم الخليل عليه
السلام([839])، فلو لم يتأيّد المبعوث من حضرته بهذا الأمر
الخارق, لم يكن لهم ـ أي لهؤلاء القوم ـ طريق
إلى تصديقه، ويسمّى ذلك
الأمر المذكور معجزاً، فظهور المعجزات للرسل
واجب؛ ليكون طريقاً
إلى تصديقهم، وإنّما قلنا: إنَّ ظهور المعجزة طريق إلى تصديق النبي صلى الله عليه
وآله وسلم؛ لأنَّا نعلم
[836] اُنظر: شرح المقاصد للتفتازاني:5/79, المقصد السادس, الفصل
الأول, المبحث التاسع في السحر.
[837] اُنظر: القاموس المحيط للفيروزآبادي:4/316, مادّة حدي.
[838] اُنظر: إشراق اللاهوت للسيد عميد الدين العبيدلي:440, المقصد الرابع
عشر في النبوات, المسألة الرابعة في جواز الكرامات.
[839] في حاشية ب: روي أنَّ إبراهيم عليه السلام لـمّا جعل
الله تعالى النّار له برداً وسلاماً، قال عند ذلك نمرود: أنا أجعل النار على نفسي
برداً وسلاماً, فجاءها فاحترقت لحيته. وأنَّ مسيلمة الكذّاب لـمّا ادّعى النبوة,
قيل: إنَّ محمّداً دعا لأعور فارتدّ بصيراً، فدعا مسيلمة لأعورٍ فذهبت عينه
الصحيحة، فقيل له: إنَّ حرث قوم يبس لقلّة الماء, فَرُشَّ على الحرث غسالة وضوء
محمّد صلى الله عليه وآله وسلم فارتدّ نضارة, فأمر مسيلمة واحداً من أصحابه بمثل
ذلك في حرثه, فصار حرثه هشيماً. اُنظر: كشف المراد للعلّامة الحلّي: 330ـ332,
المقصد الرابع, المسألة الخامسة في الكرامات.